اليوم الخامس: الجمعة 17/12/2010 (10 محرم- ليلة 11محرم)
خرجنا من الفندق قاصدين حرم الإمام الحسين (ع) لصلاة الفجر، دخلنا الحرم الشريف في حدود الساعة الخامسة وكانت الزحمة شديدة جدا لاقتراب وقت صلاة الفجر. كنا نتحرك ببطء شديد ونحاول تفادي العصر والسقوط لتدافع بعض الزوار ومحاولة الجميع البحث عن مكان للصلاة. صدحت منارات الحرم بالأذان وجرت معها دموعنا على الخدود فهذا يوم عاشوراء قد أتى لتتجدد معه المصيبة والفاجعة. بعد أن انتهينا من الصلاة حجز كل منا مكانا نترقب فيه دخول مواكب التطبير، وتحصلت على مكان مناسب يمكنني من رؤية المواكب وهي تدخل. وأثناء انتظارنا استرجعت كل ما تحدثنا به وشاهدناه وصادفناه عن التطبيرالذي احتل مساحة واسعة من الحديث الدائر بيننا نحن الشباب ومن أول يوم وقبل أن نركب الطائرة بدأنا نتحدث عن التطبير و هل ستحضر عزاء التطبير وغيرها من الأحاديث المتعلقة بالتطبير. ولما أن وصلنا كربلاء فوجئنا بالكم الكبير من الشعارات والمقولات التي تملأ الساحات والطرقات والتي تنتمي إلى هيئات ومنظمات ومدن وقرى وغيرها التي تتحدث عن التطبير ورفعة شأنها وعظيم منزلتها وآراء بعض من مراجعنا العظام فيها. لا تبرز هذه الشعارات واللافتات أهمية ومنزلة التطبير وحسب بل تؤكد على أن التطبير ثقافة راسخة عند العراقيين. أما ليلة عاشوراء فأثناء المشي من وإلى الحرمين رأينا الجموع الكثيرة التي تشحذ وتسل سيوفها حتى تكون جاهزة للعزاء والمواساة في صبيحة يوم عاشوراء وقد علمنا كذلك أن بعض الأباء يدفعون أموالا لأولادهم حتى يشجعوهم على هذا العمل. هكذا كان جو ما قبل التطبير في كربلاء ما جعلنا نصمم على ضرورة حضور ومشاهدة هذا العزاء الحسيني وفي حرم الإمام الحسين (ع) حيث قيل لنا أن الحماس وضرب القامات داخل الصحن يكون أشد مما هو عليه في خارجه. ها هي أصوات الطبول بدأنا نسمعنا فتوجهت العيون كلها صوب الباب وبدأ دخول المواكب في حدود الساعة السادسة والربع. دخل الموكب وكأنها الحرب فصوت الطبول المهيب واحمرار إضاءة الحرم ومشاهدتك للأعداد الكثيرة والكثيرة من المطبرين وهم يرتدون اللباس الأبيض الموحد مرخصين دماءهم من أجل صاحب هذا اليوم وهم يصيحون "حيدر..حيدر" كلها أمور تبعث فيك رهبة القتال والحرب. كنت أراقب المطبرين عن كثب فهناك من يضرب ضربات خفيفة وهناك من يبدو أنه صاحب تاريخ طويل في التطبير من طريقة وقوة ضربه، لكن أهم ما لاحظته أن الكثير منهم عندما يدخلون من الباب مواجهين لضريح الإمام الحسين (ع) وبعد أن لطخت وجوههم وملابسهم بالدماء يرفعون كلتا يديهم يسلمون على الإمام (ع) في مشهد رهيب فتخيلتهم يقولون" السلام عليك يا أبا عبدالله .. ها نحن جاهزون بسيوفنا ودمائنا التي أسلناها نجدد العهد بك و نلبي نداءك يوم عاشوراء ". كان بجانبي أحد الشباب العراقيين يشاهد العزاء بعين تملؤه الحسرة والأسى فسألته لماذا لا تطبر؟ فأجابني ودموع الحزن تجمعت في مقلتيه: لقد أصبت بمرض السكري منذ ثلاثة سنوات ولهذا لا أستطيع المشاركة في هذا العزاء. حقيقة كانت دقائق عجيبة وأنا أشاهد هذا العزاء لأول مرة وهي مشاهد لا تستطيع الذاكرة نسيانها. مرت حوالي نصف ساعة ونحن نشاهد المواكب تلو المواكب التي تدخل الحرم عدنا بعدها إلى الفندق لنرتاح قليلا استعدادا لبقية الشعائر.
استمعنا إلى زيارة عاشوراء في الفندق بصوت سلمان الدرازي وبعدها صلينا الظهرين ثم خرجنا متوجهين إلى ناحية المخيم الحسيني لنحضر مسرحية حرق الخيام. وصلنا إلى ساحة كبيرة قد عجت وغصت بجموع هائلة من الزوار نساءا ورجالا ، حتى أسطح البنايات و الجدران الاسمنتية المنتشرة وأعمدة الكهرباء والرافعات كلها امتلأت بالناس انتظارا وحرصا منهم على مشاهدة هذه المسرحية. ولهذا الزحام الشديد لم نستطع الحصول على مكان قريب يمكننا رؤية تفاصيل المسرحية، و رضينا بمكاننا البعيد الذي لا نرى منه سوى الخيمة الكبيرة التي نصبت لهذا الغرض. أما مقدم المسرحية فكان يوصي الجموع الغفيرة بالتراجع إلى الوراء ما أمكن لأن قدوم الخيالة سيكون سريعا جدا والنار ستكون كبيرة ولا توجد حواجز اسمنتية تفصل أرض المسرحية عن المتفرجين ولذا فإمكانية أن يتضرر المتفرجون كبيرة ، وكان يكرر المقدم هذه التوصية والتحذير ولكن من دون فائدة. وفجأة جاء الخيالة وحاولت حينها استشعار الواقعة لكني لم أتمكن لصعوبة النظر إلى ما يجري، ولكن القلوب انفطرت لما أن شاهدنا رأسا محمولا قد أتى على رأس رمح طويل وبعدها تم حرق الخيمة الكبيرة وهنا كانت مصيبة أخرى. كان من المفترض عند حرق هذه الخيمة أن تسقط بشكل عمودي ولكننا رأيناها تسقط وتزحف بطريقة غريبة ومخيفة حاملة معها النار العظيمة و هنا تراكض الجميع وهرب خوفا وهلعا من النيران التي دخلت في الناس وقد رأيت بعيني سقوط عشرات النساء اللاتي كن يقفن على إحدى المرتفعات نتيجة لهذا التدافع في الهروب. ولاحقا عرفنا سبب هذه المشكلة كما تحدث عنها أحد أفراد الحملة الذي كان قريبا من الأحداث وهو يقول أن حافر أحد الخيول حمل معه دون أن ينتبه الفارس حبلا من الحبال التي كانت تشد بها الخيمة ولهذا سقطت الخيمة و زحفت بهذه الطريقة المخيفة، يقول صاحبنا رأيت الخيل والنار وهي تجري نحوي ولكن بستر من الله تعالى استطعت الهروب من هذا الموقف الفظيع. فيا سبحان الله لم أستطع ـوكذلك بعض الشباب ـ استشعار الواقعة بهذه المسرحية ولكن هذا التدافع والهروب المريع الذي جاء نتيجة خطأ غير مقصود هو الذي جعلني استشعر وبكل حزن ولوعة هروب الأطفال والنساء من آل محمد لما أن أحرقت خيامهم. انتهينا من هنا وتحركنا قاصدين الالتحاق بعزاء "ركضة طويريج" المهيبة، ومشينا بين الأسواق والأزقة إلى أن وصلنا إلى العزاء والتحقنا مع هذا البحر البشري الهادر الذي يصرخ ويهتف "يا حسين .. يا حسين" وهنا تفرق جمعنا رغما عنا فأصبحنا ثلاثة ثلاثة وإثنين إثنين. اقتربنا من الحرم الحسيني الشريف وكان المنظمون يدخلون فوجا ثم يمسكون ثم يدخلون آخر ثم يمسكون حتى يكون هناك مجال للهرولة والركض عند دخول الحرم. دخلنا الحرم الشريف من باب الرجاء، دخلنا ونحن نركض ونلطم على رؤوسنا، نتذكر مقولة الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء :" ألا هل من ناصر ينصرنا ؟ ألا هل معين يعيننا ؟ ألا هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله (ص)" فنهتف بصرخات تخرج من أعماق قلوبنا "لبيك يا حسين.. لبيك يا حسين..لبيك يا حسين".
ثم خرجنا من الحرم إلى طريق بين الحرمين قاصدين أبا الفضل بهرولتنا ونحن نردد الهتافات التي تصدر من مكبرات الصوت "يا عباس جيب الماي لسكينه" "وا ويلي على العباس .. وا ويلي على العباس" ودخلنا حضرته الشريفة لاطمين رؤوسنا وصدورنا لينتهي العزاء عند خروجنا من باب الحضرة حيث كان المنظمون يوزعون الماء على المعزين. لقد انتهيت من هذا العزاء ولكن العزاء لم ينته فهناك الكثير من الزوار الذين لا يكتفون بركضة واحدة وإنما يكرروها مرة واثنتين وحتى ثلاثة. وأحب أن أرفق لكم هذا الرابط الذي فيه تصوير لهذا العزاء هذه السنة http://www.youtube.com/watch?v=hiWM8r7F79c .
خرجنا من الفندق قاصدين حرم الإمام الحسين (ع) لصلاة الفجر، دخلنا الحرم الشريف في حدود الساعة الخامسة وكانت الزحمة شديدة جدا لاقتراب وقت صلاة الفجر. كنا نتحرك ببطء شديد ونحاول تفادي العصر والسقوط لتدافع بعض الزوار ومحاولة الجميع البحث عن مكان للصلاة. صدحت منارات الحرم بالأذان وجرت معها دموعنا على الخدود فهذا يوم عاشوراء قد أتى لتتجدد معه المصيبة والفاجعة. بعد أن انتهينا من الصلاة حجز كل منا مكانا نترقب فيه دخول مواكب التطبير، وتحصلت على مكان مناسب يمكنني من رؤية المواكب وهي تدخل. وأثناء انتظارنا استرجعت كل ما تحدثنا به وشاهدناه وصادفناه عن التطبيرالذي احتل مساحة واسعة من الحديث الدائر بيننا نحن الشباب ومن أول يوم وقبل أن نركب الطائرة بدأنا نتحدث عن التطبير و هل ستحضر عزاء التطبير وغيرها من الأحاديث المتعلقة بالتطبير. ولما أن وصلنا كربلاء فوجئنا بالكم الكبير من الشعارات والمقولات التي تملأ الساحات والطرقات والتي تنتمي إلى هيئات ومنظمات ومدن وقرى وغيرها التي تتحدث عن التطبير ورفعة شأنها وعظيم منزلتها وآراء بعض من مراجعنا العظام فيها. لا تبرز هذه الشعارات واللافتات أهمية ومنزلة التطبير وحسب بل تؤكد على أن التطبير ثقافة راسخة عند العراقيين. أما ليلة عاشوراء فأثناء المشي من وإلى الحرمين رأينا الجموع الكثيرة التي تشحذ وتسل سيوفها حتى تكون جاهزة للعزاء والمواساة في صبيحة يوم عاشوراء وقد علمنا كذلك أن بعض الأباء يدفعون أموالا لأولادهم حتى يشجعوهم على هذا العمل. هكذا كان جو ما قبل التطبير في كربلاء ما جعلنا نصمم على ضرورة حضور ومشاهدة هذا العزاء الحسيني وفي حرم الإمام الحسين (ع) حيث قيل لنا أن الحماس وضرب القامات داخل الصحن يكون أشد مما هو عليه في خارجه. ها هي أصوات الطبول بدأنا نسمعنا فتوجهت العيون كلها صوب الباب وبدأ دخول المواكب في حدود الساعة السادسة والربع. دخل الموكب وكأنها الحرب فصوت الطبول المهيب واحمرار إضاءة الحرم ومشاهدتك للأعداد الكثيرة والكثيرة من المطبرين وهم يرتدون اللباس الأبيض الموحد مرخصين دماءهم من أجل صاحب هذا اليوم وهم يصيحون "حيدر..حيدر" كلها أمور تبعث فيك رهبة القتال والحرب. كنت أراقب المطبرين عن كثب فهناك من يضرب ضربات خفيفة وهناك من يبدو أنه صاحب تاريخ طويل في التطبير من طريقة وقوة ضربه، لكن أهم ما لاحظته أن الكثير منهم عندما يدخلون من الباب مواجهين لضريح الإمام الحسين (ع) وبعد أن لطخت وجوههم وملابسهم بالدماء يرفعون كلتا يديهم يسلمون على الإمام (ع) في مشهد رهيب فتخيلتهم يقولون" السلام عليك يا أبا عبدالله .. ها نحن جاهزون بسيوفنا ودمائنا التي أسلناها نجدد العهد بك و نلبي نداءك يوم عاشوراء ". كان بجانبي أحد الشباب العراقيين يشاهد العزاء بعين تملؤه الحسرة والأسى فسألته لماذا لا تطبر؟ فأجابني ودموع الحزن تجمعت في مقلتيه: لقد أصبت بمرض السكري منذ ثلاثة سنوات ولهذا لا أستطيع المشاركة في هذا العزاء. حقيقة كانت دقائق عجيبة وأنا أشاهد هذا العزاء لأول مرة وهي مشاهد لا تستطيع الذاكرة نسيانها. مرت حوالي نصف ساعة ونحن نشاهد المواكب تلو المواكب التي تدخل الحرم عدنا بعدها إلى الفندق لنرتاح قليلا استعدادا لبقية الشعائر.
استمعنا إلى زيارة عاشوراء في الفندق بصوت سلمان الدرازي وبعدها صلينا الظهرين ثم خرجنا متوجهين إلى ناحية المخيم الحسيني لنحضر مسرحية حرق الخيام. وصلنا إلى ساحة كبيرة قد عجت وغصت بجموع هائلة من الزوار نساءا ورجالا ، حتى أسطح البنايات و الجدران الاسمنتية المنتشرة وأعمدة الكهرباء والرافعات كلها امتلأت بالناس انتظارا وحرصا منهم على مشاهدة هذه المسرحية. ولهذا الزحام الشديد لم نستطع الحصول على مكان قريب يمكننا رؤية تفاصيل المسرحية، و رضينا بمكاننا البعيد الذي لا نرى منه سوى الخيمة الكبيرة التي نصبت لهذا الغرض. أما مقدم المسرحية فكان يوصي الجموع الغفيرة بالتراجع إلى الوراء ما أمكن لأن قدوم الخيالة سيكون سريعا جدا والنار ستكون كبيرة ولا توجد حواجز اسمنتية تفصل أرض المسرحية عن المتفرجين ولذا فإمكانية أن يتضرر المتفرجون كبيرة ، وكان يكرر المقدم هذه التوصية والتحذير ولكن من دون فائدة. وفجأة جاء الخيالة وحاولت حينها استشعار الواقعة لكني لم أتمكن لصعوبة النظر إلى ما يجري، ولكن القلوب انفطرت لما أن شاهدنا رأسا محمولا قد أتى على رأس رمح طويل وبعدها تم حرق الخيمة الكبيرة وهنا كانت مصيبة أخرى. كان من المفترض عند حرق هذه الخيمة أن تسقط بشكل عمودي ولكننا رأيناها تسقط وتزحف بطريقة غريبة ومخيفة حاملة معها النار العظيمة و هنا تراكض الجميع وهرب خوفا وهلعا من النيران التي دخلت في الناس وقد رأيت بعيني سقوط عشرات النساء اللاتي كن يقفن على إحدى المرتفعات نتيجة لهذا التدافع في الهروب. ولاحقا عرفنا سبب هذه المشكلة كما تحدث عنها أحد أفراد الحملة الذي كان قريبا من الأحداث وهو يقول أن حافر أحد الخيول حمل معه دون أن ينتبه الفارس حبلا من الحبال التي كانت تشد بها الخيمة ولهذا سقطت الخيمة و زحفت بهذه الطريقة المخيفة، يقول صاحبنا رأيت الخيل والنار وهي تجري نحوي ولكن بستر من الله تعالى استطعت الهروب من هذا الموقف الفظيع. فيا سبحان الله لم أستطع ـوكذلك بعض الشباب ـ استشعار الواقعة بهذه المسرحية ولكن هذا التدافع والهروب المريع الذي جاء نتيجة خطأ غير مقصود هو الذي جعلني استشعر وبكل حزن ولوعة هروب الأطفال والنساء من آل محمد لما أن أحرقت خيامهم. انتهينا من هنا وتحركنا قاصدين الالتحاق بعزاء "ركضة طويريج" المهيبة، ومشينا بين الأسواق والأزقة إلى أن وصلنا إلى العزاء والتحقنا مع هذا البحر البشري الهادر الذي يصرخ ويهتف "يا حسين .. يا حسين" وهنا تفرق جمعنا رغما عنا فأصبحنا ثلاثة ثلاثة وإثنين إثنين. اقتربنا من الحرم الحسيني الشريف وكان المنظمون يدخلون فوجا ثم يمسكون ثم يدخلون آخر ثم يمسكون حتى يكون هناك مجال للهرولة والركض عند دخول الحرم. دخلنا الحرم الشريف من باب الرجاء، دخلنا ونحن نركض ونلطم على رؤوسنا، نتذكر مقولة الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء :" ألا هل من ناصر ينصرنا ؟ ألا هل معين يعيننا ؟ ألا هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله (ص)" فنهتف بصرخات تخرج من أعماق قلوبنا "لبيك يا حسين.. لبيك يا حسين..لبيك يا حسين".
ثم خرجنا من الحرم إلى طريق بين الحرمين قاصدين أبا الفضل بهرولتنا ونحن نردد الهتافات التي تصدر من مكبرات الصوت "يا عباس جيب الماي لسكينه" "وا ويلي على العباس .. وا ويلي على العباس" ودخلنا حضرته الشريفة لاطمين رؤوسنا وصدورنا لينتهي العزاء عند خروجنا من باب الحضرة حيث كان المنظمون يوزعون الماء على المعزين. لقد انتهيت من هذا العزاء ولكن العزاء لم ينته فهناك الكثير من الزوار الذين لا يكتفون بركضة واحدة وإنما يكرروها مرة واثنتين وحتى ثلاثة. وأحب أن أرفق لكم هذا الرابط الذي فيه تصوير لهذا العزاء هذه السنة http://www.youtube.com/watch?v=hiWM8r7F79c .
كان وقتنا ضيقا فكان لابد لنا من العودة إلى الفندق للغداء ثم التوجه إلى الحسينية الفاطمية حيث سيقرأ مجلس الزوال في الساعة الثالثة وذلك في حضور كل الحملات العمانية. عدنا إلى الفندق وتم إخبارنا بإلغاء مجلس الزوال في الحسينية وذلك لظروف طارئة – اكتشفنا لاحقا أن المجلس لم يلغ لكن لم يكن هناك تواصلا جيدا في هذا الخصوص- فقرأ لنا ملا علي مصطفى مجلس الزوال ثم خرجنا جميعا حتى نلتقي مع بقية الحملات لأجل تحرك موكبنا العماني الذي كان موعودا بدخول العتبة العباسية في حدود الساعة 4.30 عصرا. تجمعنا مع بقية الحملات عند باب الحسينية الفاطمية ثم انطلق موكبنا ليوم عاشوراء بلطميات حزينة شارك فيها أخونا حسين خابوري ببعض اللطميات والذي شارك في كل الليالي السابقة ثم ونحن واقفون أمام باب الحرم العباسي قرأ لنا حجي كمال محمد وحسين مرتضى لطمية "ذو الجناح" بأصواتهم الشجية الحزينة ثم دخلنا حرم أبي الفضل على بعض النوحيات الحماسية "سقاء وادي كربلا .. أبا الفضل" و "بوفاضل نادى خويه يا مولاي" وأنظار المتواجدين في الحضرة تتوجه لترى هذا الموكب الموالي القادم من سلطنة عمان. ثم ملئ وقتنا في طريق بين الحرمين بنوحية "جسم الحسين" ونوحية قرأها أحد الأطفال من خريجي مأتم أطفال الحسين (ع)ثم دخلنا حرم المولى أبي عبدالله (ع) على نوحية "هالله هالله حسين وينه ..." فازدادت شدة لطم الصدور وعيوننا تلاحظ المرقد المقدس ثم نوحية "زينب تبكي تنادي .." ثم وقبل خروجنا من الحرم آثرنا إلا أن نودع بلطم الصدور والرؤوس كما نفعل في ليلة وزوال يوم عاشوراء والهتافات "حسين..حسين..حسين" "هذا الوداع يا حسين .. ودعتك الله يا حسين" "أبد والله يا زهراء ما ننسى حسيناه". بعدها توجه الموكب صوب التل الزينبي وصادق جعفر يرغم القلوب قبل العيون على البكاء الشديد وهو يقرأ نوحية "هذه الشمس تبكي بالكسوف" بذلك الصوت الحزين الذي ترق له القلوب فتخرج الدموع غزيرة دونما استئذان. بعدها قرأت نوحية "زينب تنادي يا جد طه". ولاقتراب وقت أذان المغرب توجهنا صوب المخيم الحسيني وهناك انتهى الموكب وعادت الحملات كل إلى برنامجها المستقل. صليت العشاءين في المخيم وأشعلنا الشموع هناك علنا نستطيع أن نواسي الحوراء زينب التي مرت عليها ليلة الحادي عشر من المحرم كأظلم وأوحش ما تكون. وبهذا انتهى برنامج يوم عاشوراء الذي لا ولن تنتهي آهاته وآلامه أبدا بل ستظل حية تنبض في قلوب المحبين والعاشقين والثائرين تغذيهم وتشحذ من هممهم وتذكرهم بالدروس والعبر والأهداف التي من أجلها ثار سيد الشهداء ولهذا تبقى هذه المقولة خالدة ما خلد الدهر "كل أرض كربلاء.. وكل يوم عاشوراء"
هناك 5 تعليقات:
هنيئًا لك و الله ..
الكثير منا محروم بحضور كربلاء في مثل هذا اليوم ..
السلام عليك يا صريع الدمعة الساكبة ..
أخي العزيز .. استطعت أن تهيج مشاعري بكتابتك المؤثرة والمعبرة المسيلة للعبرات ...
هنيئا لكم زوار الحسين (ع)
نسأل الله ان يشفعكم فينا
وللمرة الثانية إغرورقت عيناي بالدموع وأنا في عمق العمل .. كلما حاولت التوقف شدتني الحرارة لإكمال التدوينه ..
ثم ومع كل كلمة تحبس أنفاسي أتذكر
رحلتنا التي لن تمحو من ذاكرتي ..
يا حسين .. يا قتيل العبرات
أبوفاطمة
كلمآ قيل لي نحن رآحلون لأرض كربلآ ..
اقول لهم .. (( يالرأيح ضريح حسين خذ روحي تزور ويأك ))
ومدونتك هذه أخي ..
جعلتني وكأنن في كربلآ ..
فدموعي ابت إلآ أن تنهمر حزنآ وألمآ على أبي عبد الله ..
وفقك الله أخي العزيز ..
(( السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ))
نسألكم الدعآء
إرسال تعليق