الأحد، سبتمبر 09، 2012

الغالبون 2




وأخيرا انتهى الجزء الثاني من مسلسل الغالبون ، المسلسل الذي أسر قلوب مشاهديه ومتابعيه من الجزء الأول.

انتهى الجزء الثاني بعد 41 حلقة عشنا فيها تفاصيل كثيرة ففرحنا لفرحهم وسرورهم وحزنا وبكينا لمصائبهم ونوائبهم وحبسنا أنفاسنا وتسارعت نبضات قلوبنا في الكثير من المشاهد.
الجزء الثاني تميز عن الجزء الأول بأنه أعطى مساحات كبيرة لما يمسى بحرب الأدمغة وتصوير كيفية زرع عملاء للمقاومة في قلب العسكر الصهيوني و جودة استخبارات المقاومة في اكتشاف كل محاولات الاختراق لها. 
كذلك أعطى مساحة كبيرة في كيفية تعامل عملاء الصهاينة مع الأهالي و تصوير معاناتهم اليومية معهم التي استطاعت أن تنقل لنا جزءا يسيرا من الواقع الأليم الذي عاشوه في تلك الفترة وكذلك صور المسلسل لنا القيمة الحقيرة للعملاء لدى العدو الصهيوني وأنهم كدمى ترمى ويتخلص منها إذا انتفت الحاجة إليهم . أيضا الجانب الاجتماعي كان له مساحة خاصة في هذا المسلسل وكثرت فيه المشاهد والعبارات الرومانسية (وإن كان بعضها يستدعي التحفظ ولكنه ليس محل الكلام هنا) التي أرادت أن توصل للمشاهد بأن المقاومين كذلك لهم قلوب وعواطف ومشاعر لا تنفك أبدا عن جنبة الجهاد والمقاومة التي يعيشونها. كل هذا إضافة إلى المساحة الجهادية الرئيسية في العمل و تصوير وتمثيل بعض العمليات الحقيقية والنوعية التي قامت بها المقاومة وإظهار سياسات المقاومة في التنويع في طرق الاستهداف ووجود السيد عباس الموسوي كشخصية رئيسية ومؤثرة في المسلسل.
وبسبب هذا التنوع الكبير في الأحداث؛ فلم يقتصر المسلسل على بطل واحد أو بطلين وإنما تعداه حقيقة إلى العديد من الأبطال الذين أبدعوا وأتقنوا الدور وجعلونا نعيش معهم في قلب أحداثهم وهنا أحب أن أشارككم بالشخصيات التي أحببتها شخصيا في هذا المسلسل وأعتبرها أبطال هذا الجزء:
قاسم: ذلك الشاب الذي تم اعتقاله وعاش كل أحداث المسلسل وهو في معتقل الخيام، مع كل إطلالة له كنا نرى فيه صمودا يتفجر وإباء يتدفق وإرادة صلبة لا حدود لها مع كل محاولات التعذيب القاسي الذي مورست ضده التي كانت تعمق فينا الإحساس بالألم والقهر وتصور جزءا يسيرا من العذابات التي عاشها المعتقلون. ثم لاحقا وأخيرا ولدت له من رحم الآلام والعذابات زهرة يانعة صبا لها قلبه ومالت إليها نفسه، ليقول لنا بأني مقاوم ولكن لي قلب كذلك.
فارس: ذلك المجاهد العظيم الذي يشرف على عمليات زرع العملاء في الجسم الصهيوني وكذلك متابعة بعض الأمور الاستخباراتيه. وبعد أن ابتلي بأسر زوجته وفقدان ابنه عاش العذابات المرة ولكنه لم يفقد الثقة والإيمان بالله وبالمقاومة فلم ينس عمله ومسؤولياته التي كان يؤديها على أكمل وجه وبعدها يتفرغ لبعض أحزانه التي غدت أحزاننا كذلك. أبدع الممثل أيما إبداع في انتقاله من انفعالات التوكل والثقة إلى انفعالات القلق والألم على زوجته وهو ما جعلني أضعه في قائمة أبطال المسلسل.
أم قاسم: ربما يستغرب البعض أن أذكر هذه الشخصية ، لكنها شخصية أثارت شديد إعجابي فقد فقدت كل رجالها إما أسير وإما شهيد لكنها واصلت حياتها صابرة محتسبة. عانت وابنتها ما عانوا من ظلم العملاء اليومي لهم فمن التهديد والمهانة والمذلة إلى التخريب وقتل الأحبة، فكانت انفعالات وجهها وأسلوب حديثها الرقيق والحنون مما استدرت الدموع من مقلنا وأعيننا فلانت لها قلوبنا وأصبح مجرد رؤيتها مدعاة لرقة القلب واستنزال الدمعة.
بتول: تغيرت الشخصية المكلفة بأداء هذا الدور وكان الاختيار الجديد في نظري اختيارا ممتازا جدا ومبهرا بحق. فكانت بارعة في إبراز كل الانفعالات التي يتطلبه دورها من الابتسامات والنظرات الحانية إلى انفعالات وجهها في مشاهد الخوف والهلع والتعذيب. وكانت شخصيتها الإيمانية الصابرة مما أشعرتنا بحقارة أنفسنا وصغرها أمام جبال صمودها وإيمانها فرغم كل عذاباتها وآلامها كانت تراها صغيرة أمام أم المصائب زينب الحوراء روحي فداها ، فبكينا على مصابها تارة وبكينا على حال أنفسنا تارة أخرى.
أبو حسين: شخصية فريدة من نوعها ، مع كل إطلالة لها كان يضفي الأنس والبهجة على المسلسل بمشاكسته لزوجته وكذلك بتفاعله مع كل ما يخص المقاومة فتراه يفرح ويهلل مسرورا كالأطفال عند أي خبر مفرح للمقاومة ، كان نعم الحضن الدافئ للمجاهدين والعين الساهرة على راحتهم. كذلك كان الشخصية الواعية لما يدور على الساحة من مخططات الصهاينة الخبيثة في زعزة المنظومة الاجتماعية فكان الموجه الحكيم والأب القدوة.
السجان في معتقل الخيام: شخصية فريدة من نوعها كانت محل الحديث في الجزء الأول وكذلك كانت ملفتة عند أي ظهور لها في الجزء الثاني. فهو الشخص المبادر في التعذيب وقد أجاد تمثيل دوره سواء بأسلوب حديثه المميز بحق فعبارته في الجزء الأول (عما بعيون) لا تنسى وحديثه المميز مع قاسم (قاسييم خبيبي) لا ينمحي من الذاكرة وكذلك عند أدائه لدور التعذيب فأتقن الدور ولهذا كرهناه فاستطاع بذلك أن يوصل شيئا من خسة طبع السجانين الحقيقيين.
جلبوط: لا أعتقد أن هناك شخصية نالت من اللعنات وتمني الموت لها قدر ما نالت هذه الشخصية. فقد أتقن الممثل أداء دوره لينقل لنا صورة من صور العذابات والآهات التي كان يعاني منها الجنوبيون. صراخه وكلامه العنيف وأسلوبه المهين والمحقر لكل الناس جعل المشاهد يشمئز منه فعلا وكنا فعلا نتمنى أن يتصدى له أحد المقاومين فيمعن في تعذيبه كما عذب الجميع رجالا ونساء ، أطفالا وكبارا. وقد وجدت تعليقا معبرا على اليوتيوب يقول صاحب التعليق فيه تعقيبا على بعض التعليقات التي تنال من شخصية جلبوط وتتمنى لها الموت فقال ما مضمونه: هذا جلبوط واحد في المسلسل وكرهناه وتمنينا له الموت فتخيلوا كم جلبوط كان على أرض الواقع ؟؟!!
كل التحية لهذا الممثل القدير الذي قبل أداء هذا الدور وأبدع في تمثيله.
وأخيرا فكل الممثلين هم أبطال المسلسل إلا أن هؤلاء الذين ذكرتهم كان لهم الأثر البالغ علي. ونترقب أن يكون للمسلسل جزء ثالث ، لنكمل معهم قصة الجهاد والكفاح ونواصل معهم زمن الانتصارات.