السبت، يناير 30، 2010

حوار في أعلى مأتم

نظم القائمون على مأتم السيدة أم كلثوم(ع) بنازي موجا في ليلة الجمعة ليلة 6 صفر مشكورين جلسة حوارية مع سماحة السيد جعفر الموسوي وقد امتلأ المأتم الذي يتسع لحوالي 70 شخصا عن آخره.كانت حوارية رائعة وبها الكثير من الإشارات والعبر والدروس التي استفاد منها الجميع. في الأسطر القادمة أذكر بعض النقاط التي تم التطرق إليها في الحوار والتي استطاعت ذاكرتي الضعيفة أن تختزنها. وإذا كنت حاضرا عزيزي القارئ في هذا الحوار وتذكرت نقاطا أخرى فيسعدني أن تضيفها عبر خاصية التعليق على التدوينة.
.
ضعف حضور الناس إلى صلاة الجماعة خصوصا في صلاة الفجر.
تحدث السيد عن غياب مفهوم الثواب والأجر عن أذهان الناس فيما يخص صلاة الجماعة. مثال: لو كانت هناك بضاعة بيعت بـ 100 ريال وعلم ذلك البائع أن نفس هذه البضاعة بيعت بعد ساعات بمليون ريال ! ماذا سيحدث له ؟ سيصاب بجلطة لأنه علم بأنه ضيع تلك الفرصة العظيمة. كذلك صلاة الجماعة فكيف نرضى بثواب إحصاؤه بسيط في صلاة المفرد مقابل ثواب لا تستطيع ملائكة السماوات والأرضين أن تحصيه إذا زاد العدد على عشرة كما نصت على ذلك الروايات. لو تأمل الإنسان في هذا المعنى لاستحال عليه تفويت صلاة الجماعة. أما صلاة الفجر فالله الله بصلاة الفجر، كيف تريد أن ترتقي إلى الدرجات العالية وأنت نائم عن صلاة الفجر. كلها ركعتين ولكن ثوابها مضاعف ، فلدينا روايات تفيد أن ملائكة الليل لا تصعد إلا بعد أن تصلي الفجر مع المؤمنين وتسجل ثواب صلاتهم وكذلك ملائكة الصباح تنزل لتصلي مع المؤمنين وتسجل هذا الثواب. إخواني وإذا كانت عندكم همة فلا تناموا بين الطلوعين للكراهة الشديدة لهذه النومة كما دلت على ذلك الروايات. وحقيقة فإن الاستيقاظ وعدم النوم بين الطلوعين له عظيم الأثر على أرزاق الناس وصدقوني وبالتعقيبات ينقضي الوقت سريعا.
.
ما إن تنتهي أيام عاشوراء حتى يقل الحضور بشكل ملفت ولا يعود إلا مع وجود مناسبة.
حضور المأتم ينبغي أن يكون رغبة في الثواب ومن أجل الحسين (ع) وفاطمة (ع) لا من أجل الخطيب. لا ننكر أن للخطيب أهمية بالغة في جذب الحضور بأسلوبه ومواضيعه التي يعالجها، ولكن علينا الارتقاء لنصل إلى درجة يكون فيها حضورنا للمأتم حبا لسيدتنا فاطمة (ع) التي تحضر مجالسنا ، وحبا لمولانا الحسين (ع) ،الذي ينظر بجسمه البرزخي إلى الحاضرين، ويسجل أسماءهم كما نصت على ذلك الروايات. اذا استحضرنا هذا المعنى حينها ستكون المجالس عامرة بالحاضرين حتى بعد انقضاء العشرة الأولى.
.
كيف نستحضر الخشوع في صلاتنا خصوصا أثناء فترات العمل؟
استحضار نية القربى في العمل وعلى مدار الساعة كفيل بتحصيل بعض درجات الخشوع في الصلاة. أما إذا كنا في غفلة طوال اليوم فكيف نريد استحضار الخشوع في صلواتنا إذا جاء وقتها فالخشوع ليست كبسة زر ننتقل بها من الغفلة إلى الخشوع. أمر آخر يساعد في تحصيل الخشوع هو الاستعداد للصلاة قبل وقتها ولو بوقت قليل يحاول فيها المصلي أن يفرغ من قلبه ماديات الحياة الدنيا كما كان يصنع السيد الشهيد باقر الصدر الذي كان يجلس مع نفسه لدقائق قبل أن يقوم للصلاة وبسؤاله عن ذلك قال: أود أن أفرغ قلبي من المسائل الفقهية التي كنت قد درستها اليوم حتى أفد على الله بذهنية صافية. أما إذا كنت مستغرقا في مشاهدة المسلسلات والأفلام وقمت بعدها إلى الصلاة حينها ستتسابق صور الممثلين لتستولي على مخيلتك لتعكرعليك صلاتك وخشوعك. أمر آخر الأكل إلى حد الشبع يؤثر صحيا وروحيا ، فإذا ملأت بطنك فسيلقى عليك النعاس الذي يحرمك من تحصيل الخشوع في الصلاة. أحبائي اهتموا بصلاتكم وحاولوا أن ترتقوا في أدائها ، الناس في هذا الزمن يبدلون هواتفهم وسياراتهم وأثاثهم دوريا بحجة التجديد ومواكبة العصر أما الصلاة فهي نفسها لم تتغير منذ التكليف إلى هذا اليوم. بادر إلى صلاتك لتصلحها وتطورها فهي سبيلك إلى الله تعالى ومن دونها فالطريق إلى الله مقطوع لا محالة.
.
كيف نطور من ذواتنا ونسير إلى الله تعالى؟
تحدث السيد كثيرا في هذه النقطة لكني لا أتذكر من كلامه إلا الآتي: أحبائي لكل من أراد السير إلى الله تعالى أقول له باختصار أن يتبع الخطوات التالية: المرحلة الأولى القيام بالواجبات وترك المحرمات فإذا تمكنت من هذه المرحلة بعون من الله تعالى فعليك بالمرحلة التالية وهي الإتيان بالمستحبات وترك المكروهات وإذا تمكنت منها بتوفيق وعناية من الله عزوجل فعليك بالمرحلة الأخيرة وهي ترك المباحات التي تؤدي بك إلى المكروهات. وباختصار أكثر اقول لكم كما قال أحد العلماء لما سئل عن ذلك فأجاب: عليك أن تهتم بشيئين إثنين الأول الاهتمام بكتاب الفتاوى للمرجع الذي تقلده والثاني الاهتمام بكتاب مفاتيح الجنان. يقول السيد: توجد كتب أخرى عظيمة غير مفاتيح الجنان ينصح بالإطلاع عليها ككتاب الإقبال للسيد ابن طاووس. من الأمور الهامة التي من شأنها تطوير الذات محاسبة النفس. فلتكن لنا جلسة يومية مع أنفسنا قبل أن نخلد إلى النوم نحاسب فيها أنفسنا على أفعالنا اليومية. ولتكن لنا محاسبة شهرية وفصلية (كل ثلاثة أشهر مثلا) ومحاسبة سنوية ولتكن يوم عيد ميلادك تراجع فيها نفسك أين كنت في السنة الماضية وأين أصبحت الآن. فمحاسبة النفس في غاية الأهمية في مجال تطوير الذات والارتقاء بها إلى الدرجات العالية.تحدث السيد قليلا عن نهج البلاغة وحث الحضور على الاهتمام بهذا التراث العظيم واقترح تخصيص يوم في السنة يكون يوما للنهج تقام فيه مسابقات حفظ خطب نهج البلاغة التي تم الاعداد لها في فترة سابقة. يقول السيد إن الناشئ الذي يداوم على حفظ ولو خطبة واحدة للإمام سنويا يصبح بعد خمسة سنوات بلغيا لما يحويه النهج من بلاغة لا يرقى إليها مخلوق.
.
سئل السيد عن التقليد وشروطه وواجبات المقلد.
أما عن شروط التقليد فهي مذكورة في الكتب الفقهية ولا أخوض فيها. فيما يخص التقليد أحب أن ألفتكم إخواني إلى ضرورة التحلي بالوعي فما حصل في بعض الفترات ويحصل في بعض المناطق إلى الآن فيما يخص تقسيم المؤمنين إلى مراجعهم فزيد من جماعة المرجع الفلاني وعمرو من جماعة المرجع الفلاني الآخر وزيد يتحسس من عمرو وبالعكس حتى وصلت الأمور في بعض المناطق إلى حد القطيعة والعداء بسبب هذه التعددية. أو ترضي هذه الأمور مراجعنا العظام ؟ قطعا الجواب كلا. كلها أمور بعيدة كل البعد عن الله تعالى. تعدد المرجعيات عندنا تعتبر نقطة قوة يحسدنا عليه أبناء بقية المذاهب. ألا تبعضون في بعض فتاويكم .. فترجعون في مسائل الاحتياط الوجوبي إلى مراجع آخرين مع مراعاة الأعلم فالأعلم؛ فهذه من نقاط القوة التي يتميز بها مذهبنا. كلكم على اختلاف مراجعكم تشتركون في حب محمد وأهل بيته الأطهار تشتركون في خدمة الحسين والمذهب فلا ينبغي أن ننزل أنفسنا إلى هذا المستوى.
تعليق من عندي: أتذكر في بعض الجلسات التي دعيت إليها منذ سنوات تحدث أحد المؤمنين عن التقليد وقال: واجبنا أن نحث المجتمع على التقليد وأن نذكرهم بأن عمل العامي بدون تقليد باطل فلابد له من التقليد. أما من نقلد فلا دخل لنا به خصوصا إذا راعى العامي شروط التقليد التي ذكرت في الكتب الفقهية فهذا شأن بينه وبين الله تعالى.
.
استفسر أحد المؤمنين عن المصدر الذي استند عليه السيد في نسبة الطلاق التي ذكرها السيد في إحدى محاضراته.
نسبة الطلاق في أول عشرة سنوات زواج تصل لحوالي 70% وهذه النسبة تخص المجتمع الكويتي. وأعتقد أن المجتمع العماني يتشابه مع هذا المجتمع في عدة خصائص كما معظم المجتمعات الخليجية، فيصح أن نعمم هذه المسألة على هذه الدول. وبشكل عام وجود هذه المشكلة الكبيرة في مجتمعاتنا يدل على وجود خلل كبير في تطبيق وممارسة الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بأمور الزواج وحقوق الزوجية. مصيبتنا الآن أن الناس يتزوجون على جمال المرأة من دون النظر إلى دينها وعقلها. يقول الرسول (ص) :"إياكم وخضراء الدمن ،قالوا وما خضراء الدمن؟ قال المرأة الحسناء في منبت السوء". فكما أن الإنسان يدرس مشاريعه الدنيوية ويحسب للربح والخسارة ألف حساب فما بالنا بالزواج وهو مشروع أخروي ؟! ألا يجدر بنا التأني وعدم الاستعجال في مسالة اختيار شريكة الحياة. صدقوني إخواني مهما كانت المرأة جميلة فإن جمالها لن يدوم إلا لبضعة أشهر بعدها يبقى جمال الروح والأخلاق فإذا لم تكن زوجتك كذلك حينها تبدأ المشاكل بالظهور وتتطور لتصل إلى الطلاق في آخر الأمر. نعم الإسلام لا يصرف النظر عن الجمال ولكن إن تخير المرء بين إمرأة متدينة متوسطة الجمال وبين إمرأة ضعيفة التدين فائقة الجمال؛ فهنا على المرء أن يختار الأولى ففيها سعادة الدنيا والآخرة.
.
ما رأيكم في التطبير وفي مشاركة المرأة لمسيرات العزاء الخاصة بالرجال والنظر إلى أجسام الرجال أثناء العزاء.
أما مشاركة المرأة للرجال فلا يوجد هناك نص بحرمة هذا الشيء ولا أفتي من عندي. ولكنني أقول أن مشاركة النساء في هكذا عزاء أمر غير محبذ، فخير للمرأة أن لا ترى الرجال إضافة إلى ذلك إن هذه المشاركة في العزاء أو وقوف النساء للتفرج على الرجال يجعلهن في معرض النظر من قبل الرجال الأجانب وهذا أمر ينبغي تجنبه، ألم يأمر الإمام السجاد (ع) لسهل أن يدفع بعض المال لحملة الرؤوس حتى يتقدمون القافلة ولما ساله سهل عن ذلك أجاب: حتى ينشغل الناس بالنظر إلى الرؤوس فقد هتكت عماتي من كثرة النظر . أما النظر إلى أجسام الرجال أثناء العزاء فما دمت أتحفظ على المعنى الأول فهذا التحفظ يجري على هذا الأمر من باب أولى. أما التطبير فلا يوجد عندنا نص يحرم التطبير فمعظم الفقهاء يجوزون التطبير وبعضهم يدخلونه في باب الجزع المستحب على الإمام الحسين (ع). صحيح علينا مراعاة الظرف الذي نعيش فيه فإذا كان في التطبير تشويه وإهانة للمذهب فعندها يطرأ عنوان ثانوي يحرم القيام بهذه الممارسة كما يفتي بذلك مجموعة من الفقهاء. شيء آخر إذا كان التطبير يجلب مفسدة كبيرة لمجتمع ما ؛كأن تمنع مسيرات العزاء وتمنع المجالس ويصاب المجتمع في فعالياته وأنشطته عندها لابد من تقديم دفع المفسدة على القيام بهذه الممارسة وإن عدت مستحبة عند بعض الفقهاء. أما إذا تمت هذه الممارسة في أماكن مغلقة فلا بأس وهم أحرار.
انتهى بذلك الحوار مع السيد وأتمنى أن أكون قد وفقت في استعراض معظم النقاط ولو بشكل مختصر. دعواتكم الكريمة.

الأربعاء، يناير 27، 2010

السيد الذي أحبه الجميع

طلعة بهية ، ابتسامة جميلة، أسلوب سلس شيق ،مواعظ بليغة، روحانية عالية، وولاء عظيم، كلها سمات تجلت في شخص سماحة السيد جعفر الموسوي(حفظه الله). هذه السمات جعلت الحضور في المسجد يزداد يوما بعد يوم، فعادت بذلك إلى المسجد والمجلس الحسيني زهوتهما وبهاؤهما. نال السيد استحسان جميع من حضر مجالسه من رجال ونساء،من جميع الفئات العمرية أطفالا وشبابا وكبار سن والسبب كما قال الكثيرون خصوصا الشباب (إضافة إلى العوامل المذكورة) : لقد أحببنا السيد ؛ فهو شاب قريب لنا في العمر يخاطبنا بأسلوبنا، ومنطقنا ويفهم همومنا، ولهذا فإن مواعظه وإشاراته لها عظيم الأثر على قلوبنا، خصوصا وأن مواعظه كلها كانت تمس صميم حياتنا اليومية. كل من حضر للسيد أعجب به ، بل وأكثر من ذلك فكل من رأى السيد أحبه ، وهذا ليس قولي بل قول العديد من الناس. حتى أن بعضهم قال إن الله تعالى قد حبا السيد بوجه نوراني ، جعل محبته تتغلغل في قلب كل من يراه. وعبارات الأسف لفراقه ،والاشتياق للقياه في المرة القادمة من قبل البعض لهي خير دليل على هذا الحب الكبير. وهنا لابد من توجيه الشكر الجزيل للجنة الخطباء على دعوتهم و استضافتهم لسماحة السيد، كما نشكر سماحته على قبول هذه الدعوة والتفضل علينا بهذه المحاضرات القيمة ، والشكر موصول كذلك إلى الإخوة الأعزاء القائمين على المآتم في أبوظبي أن عرفونا بهذا السيد ،وكانوا هم السبب في قدوم سماحة السيد إلى ربوع بلادنا الحبيبة، وأسأله تعالى أن يجعل مسجدنا مسجد الرسول الأعظم (ص) محطة دائمة يحط السيد رحاله فيها.