الأربعاء، نوفمبر 20، 2002

ثمن الصداقة

كتبت هذه المقالة وقلبي يعتصر من الألم مما حدث معي.
لماذا كل هذا العذاب؟؟!! لماذا كل هذا الألم الذي أعانيه ؟؟!! لماذا كل هذه الجراح التي تملأ جسدي؟؟!!
أبسبب حفنة مال؟؟!!!!! المــــال ؟؟!!!
وتأتي الإجابة بكل جرأة ووقاحة ، نعم ولم لا ؟!! ، أليس المال مفرقا للأحبة؟؟ أليس المال مفرقا للأخوة؟؟!!
أليس المال مفرقا للأصدقاء؟؟!! عجبا لهذه الدنيا الدنية، لا أمان لها ولا قرار ، الخير الذي تعيشه اليوم قد لا يدوم إلى شروق شمس يوم جديد ، يوم أحداثه أضحت تبرهن على مختلف أنواع الغصص والمرارة. آلاف الوعود تتبعها آلاف الخيانات. أمست المحبة والود تخفيان تحت عباءتيهما وحش كاسر ، وحش ممتلئ بالكره والحقد ، ولا ملام إلا المـــال !!!!!!!
ولكن أيستحق المال كل نبال الإتهامات والإدعاءات التي أصبحت تنهمر عليه كرش المطر ؟؟ أم إنه برئ ومسكين ، فهو يقع في أيدي لا تعرف سوى نهش المساكين وابتلاعهم ؟؟ أصبح المــال كالطفل الرضيع، فهو يولد صافيا طاهرا من كل دنس فصاحبه يلوثه أو ينجسه بيديه القذرتين، وهذا ما يعانيه المال من الأزمنة السحيقة الغابرة إلى يومنا هذا ، وسيعانيه في المستقبل إلى أن يخلصه الباري من هذه المعاناة. إنه (المــال) يعيش محنة كبرى لأن صاحبه غير آبه بمشاعر الناس، فالأمور لديه لا تستحق التهويل، فإهانتهم وجرحهم وخيانتهم وعدم الوفاء بالوعود ، وسهولة الكذب عليهم، هذه الأمور أصبحت عادية لا قيمة لها ، وهنا تتجلى معاني النفاق الخالص في هذه النفوس المريضة وتموت أواصر الصداقة والمحبة لمجرد المــال، فالصداقة أمست رداءا يرتدى ، لا نلبث أن نخلعه عند عودتنا إلى البيت.
أما عن مأساتي فلا تسل، جرح عميق غائر ، أحدثه خنجر مسموم في ظهري، كان ذلك خنجر الخيانة لأنها أتت في ظهري كضربة الجبناء والضعفاء ولأنها أتت من أناس خدعت بمظهرهم فأوهموني بما يسمى الصداقة. لم يحتضن أحد هذه الضربة خلا قلبي المسكين، قلبي الذي قبل بأن يتبناه مع أن له الحق كل الحق في طرده من كيانه وممكلته، إنه قلب حنون لم يتعود إلا على الوفاء والإخلاص، لم تطرق الخيانة بابه أبدا ، ولأجل هذه المبادئ عشت عذابا مريرا فقد كنت بين نار قلبي الذي يقول إن هذا صديقك ، خليلك ، وبين عقلي الذي يقول ارمهم في درج النسيان إنهم لا يستحقون قلبك العظيم هذا. ماذا حدث ؟؟؟
انتصر القلب على العقل، لكن هذا النصر كان أشبه بالهزيمة، إذ زاد الجرح غورا واستعصى علاجه، فذكراه باقية في القلب لا ولن تموت، حتى إن القلب مع انتصاره على العقل كان يتألم لمجرد سماع اسم صاحب الخيانات ،مع الأسف الشديد جدا، إنه واقع مرير لا أستطيع زحزحته، أفكر وأفكر ، أيخون صديق صديقه ، ويا ليتها كانت خيانة عادية ، كانت خيانة تعبر بشكل واضح وصريح عن مكنونات النفوس المريضة التي افتضح أمرها في محكمة القلوب الصافية.
إنه جرح أليم ، بل جرح مميت ، بل....، إنه جرح عجيب ، جرح لا أستطيع نسيانه لأنه كان نتيجة للمحبة والنقاء الذي بذلته ، إنه جرح الصداقة.

الجمعة، أكتوبر 11، 2002

بدر السماء

بزغ ذلك البدر في تلك الليلة الظلماء الموحشة. سطعت أنواره لتشملنا، ازدان الطريق بذلك النور، والبحر ...آآه يا بحر، لقد تزين وتلألأ ببريق البدر. كنا على شاطئ البحر نرى ما يجري. كان المكان عجيبا، مياه سوداء، ودائرة صفراء كبيرة في الوسط تسر الناظرين. كان كأنه اللؤلؤ ولؤلؤ من نوع خاص. نوع لا يضاهيه في جماله وبهائه شيء. سحر العيون وأسر القلوب بذلك النور الفياض والبريق الأخاذ.
انشغل كل واحد منا بالنظر إلى هذا المشهد وقد اقشعرت أبداننا من بداعته وروعته. سرت أرواحنا إلى أعالي السماء فاستشعرنا عظمة الصانع الجبار والمبدع القهار. كانت لحظات بديعة غصنا فيها في عظيم صنعته وبديع خلقته. كانت حقا لحظة تأمل. تذكر الجميع مدى ضعفهم وعجزهم أمام الباري عزوجل، كانت أوقاتا عجيبة، كانت مزيجا من الشعور بالقوة (للطبيعة المسخرة لنا) واللذة والنشوة النفسية (لجمال المنظر) والسعادة (لأننا منحنا فرصة مشاهدة هذا الجمال) والضعف والذل (أمام مقدرته الجبارة).
عدنا بعدها إلى بيوتنا وتأثير تلك اللحظات الجميلة ما زال قويا، لحظات أعادت الروح إلى أنفسنا. لحظات كشفت ما كان مستورا عنا، الحمد لله.