الأحد، نوفمبر 26، 2006

يوم من حياتي


(1)
ياالله ! ... ما أحلاها من لحظات ، كنت قد أنهيت وجبة غدائي "كبسة دجاج"، ودفعت الحساب ثم نزلت درجات السلم متوجها لباب الخروج عائدا إلى مقر عملي ، وأنا أدفع باب المطعم للخروج وإذا بي أمام ظاهرة عجيبة وجميلة جدا .. رياح باردة جميلة تخيم على المكان وتلف كل جسدي ممزوجة بأمطار خفيفة تشعرك بعظيم الرحمة الإلهية. كان شعورا عجيبا بحق كأن الشمس أرادت أن تستريح قليلا ، فجاءت تلك السحب وكانت بيضاء وأشاعت البهجة والأنس في كل نفس. تباطأت في سيري نحو المكتب حتى استمتع بسحر الطبيعة هذا -مع أني كنت متأخرا قليلا-. عدت إلى المكتب ونفسي ذهبت حسرة على مجافاة هكذا جو رائع. وأنا في المكتب أفكر في برنامجي لهذه الليلة، كنت أحس بصداع عنيف كوني لم أنم جيدا في أيامي الأخيرة وفي الوقت نفسه كان هوى نفسي في مباراة تبدأ الساعة السادسة أي بعد الصلاة مباشرة، وقررت أخيرا أن أشاهد المباراة. انتهى وقت الدوام خرجت من المكتب ، وأنا متشوق لبرودة الهواء التي استقبلتها بكل لهفة ، وفي أثناء سيري إلى السيارة كنت أخاطب نفسي .. الجو جميل جدا وأنت يا منتظر تحب المشي في جو بارد كهذا ، أوَ تستغني عن هذا الجو البديع لأجل مباراة ؟؟ .. بدأت أقلب هذا التساؤل في ذهني .. وأقنعت نفسي به خصوصا عندما قررت أن أتمشى على الكورنيش (كورنيش أبوظبي) الذي يمدحه جميع من زاره ولأنها ستكون المرة الأولى لي ، وهي أيضا فرصة جيدة للتعرف على المكان والتسويق له لاحقا. أدرت محرك السيارة وذهبت إلى حلاقي الخاص ولما فرغ هو من حلاقة ذقني عدت إلى المنزل وانا أفكر في هذه الفكرة الجميلة "المشي على الكورنيش". صليت العشاءين وغيرت ملابسي وخرجت متوجها إلى الكورنيش.

(2)
قدت السيارة وأنا متلهف للمشي على الكورنيش لاستنشاق ذلك الهواء البارد النقي وأيضا لاستكشاف هذا المكان الممدوح كثيرا. كنت سعيدا جدا لاتخاذي هذا القرار الذي أثر إيجابا على مزاجي فأنا من الذين يهوون الخروج والمشي في الهواء البارد. ركنت السيارة في الشارع المقابل للكورنيش لعدم وجود مواقف خاصة بالكورنيش ، ومشيت للوصول إليه. كان لابد من المرور بنفق المشاة والذي كان يمر تحت الشارع الرئيسي حتى أصل إلى الكورنيش على الجهة المقابلة. كان النفق بطول 200 متر تقريبا وهو مزدان بنقوش وزخارف جميلة تسر الناظرين .. فقط عيب النفق الوحيد.. الحر الذي يصيبك وذلك لعدم معرفة الرياح الباردة بوجود هكذا مكان وإلا لزارته. عموما سرت في النفق إلى أن وصلت إلى الجهة المقابلة ... ووطئت قدماي أرض هذا الكورنيش لأول مرة. مكان أقل ما يقال في حقه أنه جميل و بديع ، فقد تمازجت الطبيعة الخلابة مع الحداثة لتنتج لنا معلما تهفو إليه النفوس. كورنيش جميل ممتد لمسافة طويلة قسم بطريقة رائعة فاللون الأخضر يجتذب عينيك سريعا ... ومقاعد الجلوس كثيرة وهي موزعة بنسق جميل مع إضاءة خافتة هادئة تشعرك بدفء المكان رغم برودة الجو. قبل أن أبدأ المشي .. انتحيت لنفسي ركنا على الكورنيش ... نظرت من حولي ، كنت وحيدا في تلك البقعة... تأملت البحر بكل هدوئه وجماله .. أفكر فيه.. وفي الأثناء تطل علي تلك الريح الباردة ... لتحتويني وتشعرني بالقشعريرة ، لتخبرني بأن وراء هدوء هذا البحر أسرار غامضة .. مع هدوئه فهو يرهبك رغما عنك ، ويشعرك بضعفك وعجزك الشديدين أمام الجبروت الأعلى .. حينها أغمضت عيني تصفحت الصفحات السوداء في حياتي .. كانت لحظة خرجت فيها من عالم الماديات إلى عالم الأرواح .... يا ويلي ... كم هي كثيرة ذنوبي وخطاياي ... جلست أعد الذنوب التي اقترفتها ... والمعاصي التي ارتكبتها .. وانا أتساءل يا ترى .. أهناك جارحة لم أعص الله تعالى بها؟؟ ... بكيت كثيرا على نفسي ... العمر ينقضي وأنا ألهث وراء لذة فانية. رب يا رب لم أعصك تجرأ مني عليك ولا لعدم خوفي من عقابك ... ولكن خطيئة سولت لي نفسي باقترافها فتجاوزت بها حدودك ... رب يا رب إن كان عمري مرتعا للشيطان فخذني إليك ... غفرانك يا رب .. أنت أملي ورجائي .. فاصفح عن عبدك الجاهل .. وجد عليه بجودك ... رب يا رب إنك تحب العبد إذا آب وعاد إلى حماك ... وها أنا ذا قد عدت إليك ولذت بحماك.. فتفضل علي بعفوك ... يا أرحم الراحمين. أحسست بخفة في جسمي وكأن حملا ثقيلا قد أزيح عنه ، جففت الدموع التي سالت على وجنتي، وأنهيت حالة الخلوة الرائعة والدقائق الذهبية التي عشتها مع الباري جل وعلا .. ثم بدأت في المشي على الكورنيش. كنت أتنفس هواء باردا نقيا ... جدد الدماء في عروقي، وبعث في نشوة عجيبة أزاحت ما كنت أحس به من صداع. كنت مستمتعا بالمشي كثيرا جدا ... ومستمتعا كذلك بمشاهدتي لمختلف شرائح الناس وقد أتوا للترويح عن أنفسهم للخروج من زحمة الدنيا .. ترى شبابا أتوا يضحكون ويتسامرون .. وفي مكان آخر مجموعة فتيات قد ابتعن وجبة العشاء وأبين إلا أن يأكلن معا على أنغام أمواج البحر وعذوبة الرياح .. أتابع المشي فأرى من يمارس تمارينه الرياضية ، وآخر يتمشى مع طفله الصغير وهو يلاطفه. طفل آخر كانت متعته في أن يقود دراجة بأربعة عجلات وهو يصدر أصواتا جميلة لتنبيه المارة ..بدأت الرياح تشتد قليلا ودرجة البرودة تزداد ولكن الدفء عاد إلي وانا أرى زوجين يجلسان معا على إحدى المقاعد الكثيرة المنتشرة وهما يبتسمان و يتمتمان بصوت خافت .. أسرعت في خطاي حتى لا أفسد عليهما خلوتهما الجميلة. من المشاهد الجميلة التي رأيتها مشهد ذلك الرجل الذي جلس وحيدا مقابل البحر وهو يدخن سيجارة بهدوء وباستمتاع وكأنه ملك يشاهد ويتابع مملكته الكبيرة .. بل أن الأروع والأجمل هو رؤيتي رجلا كان يجلس وحيدا أيضا مقابل البحر الكبير واضعا خده على كفه وبجانبه المذياع وهو يستمع إلى أغنية من الزمن القديم وكأنه ليس من هذا الزمن ولا من هذا الكوكب ، كنت أنظر في عينيه .. فأراه متأملا البحر وكأنه صافي الذهن لا هم عنده يؤرقه ولا غم لديه يعكر صفو حياته ، كان يبدو سعيدا جدا بما يقوم به وقد نسي الدنيا وما فيها. كنت أحس بمتعة حقيقية بما أشاهده أثناء المشي ... فضلا عن كوني مستمتعا بالمشي في الهواء البارد ... ولكن بقدر المتعة التي أحسست بها ,,, بقدر ما أحسست بالوحشة والاشتياق لأهلي وأحبتي .. تمنيت أن يشاركوني هذه اللحظات الجميلة فأن ترى السعادة مرتسمة على من يشاركك هي سعادة حقيقية تفوق السعادة التي تحس بها لذاتك ، ولكن ما باليد حيلة .. هي حياة نخوض غمارها ونسبر أغوارها ، لتمحصنا تمحيصا. عدت أدراجي وأنا كلي أسف لتوديعي هذا الجو البديع وتلك المشاهد الجميلة ، لكني كنت فرحا مسرورا لأني رميت عن كاهلي هموما ثقيلة لم أكن لأجعلها وراء ظهري لولا هذه الفسحة الرائعة. عدت مسرعا فقد كنت على موعد مع مباراة مانشستر يونايتد وتشلسي وتصبحون على خير.

الأحد، سبتمبر 03، 2006

عام على الدموع


رغم الزمان الذي مر ... ورغم رحابة الصدر وسعة النفس ... لا زالت الذكريات تحفر ماضيا أليما ... وتعيد إليك مشاهد مؤلمة ... و مناظر مفجعة ... فتوقفك معها بضع وقفات لتسكب الدمع على ما فات ... فلتستمع إلى آهاته وأحزانه .... و (عام على الدموع)

(1)
في دجى الليل البهيم ...
آهات وأحزان ...
دموع غزيرة ...
كان يتنفس الحزن ..
اقترب منه أكثر ...
إنه يهمس ...
(الذكريات أليمة)

(2)
تصفح الماضي في مخيلته ...
علاقة متينة .. صافية .. نقية ...
ثلاث درر نادرات ...
حلقن في فضائه وسمائه ...
سماء الأخوة والصداقة ...
لكن ...
(الذكريات أليمة)

(3)
بذل وبذل وبذل...
بكل صدق وإخلاص ومحبة ...
سعيد بالقرب ... مسرور بالود..
تخيل الأفضل..
عاش أمنية جميلة ...
تنفسها وتشربها ..
وهي ...
تقترب وتقترب ... وتقترب..
أغمض عينيه في حزن ...
فـ ....
(الذكريات أليمة)

(4)
أمنية وحلم حياته...
ذلك الوسام...
تمنى أن يقلدنه بكل حب وإخاء ...
أين محط الراحلة يا ترى ؟؟
أين مستقرها ومستودعها ؟؟
ذلك هو الحلم ...
و تلك هي الأمنية...
أمنية ما لبثت أن تحولت ...
إلى ...
(ذكريات أليمة)

(5)
أبحر في قارب الألم..
اتجه صوب اللانهاية ..
يجدف .. ويجدف .. ويجدف..
استقر في عرض المحيط ...
محيط الآهات والأحزان..
نظر إلى القمر وجماله...
بدأت اادموع تنهمر ...
كرش المطر..
" لمــــــاذا ؟؟"
كان يصرخ بكل لوعة الدنيا ...
ومن هذه الصرخة ...
بدأ يسرد الحكاية...
حكاية الاغتيالات ...
وبوح ....
(الذكريات أليمة)

(6) الرصاصة الأولى
إنها رصاصة أخطأت طريقها ...
فأصابت ساقي ...
كانت رصاصة ذهبية ..
ابتسمت في ألم ..
لم أستطع أن أنطق بحرف واحد ...
فالمفاجأة أذهلتني وألجمت لساني ..
أين أنت يا سعدي وهنائي ..
نظرت إليه والدموع تملأ مقلتي ...
مبــــارك عليك ...
لقد انتصرت علي ..
فقد كنت أنت هناك حيث الحدث...
أما أنا فقد أقصيت بعيدا .. بعيدا جدا ..
إنه جرح عميق ..
إنه جرح من بذل وهمش ...
إنه جرح من أعطى وأقصي ...
وا حسرتااااه ...

(7) الرصاصة الثانية
وأنا أطبب جراحي ... وأعالج نزفي..
إذا بالجرح يتسع حجمه ويزيد عمقه..
ماذا حدث ؟؟ ....
إنها الرصاصة الثانية ...
لم تكن رصاصة واحدة ... بل رصاصات عدة...
توالت وتتالت ...
فجعلتني مثخنا بالجراح ..
بكيت كثيرا ... كثيرا جدا ...
اقتربت منه .. وقلت له .. هون عليك ...
رفع رأسه ونظر إلي ...
ثم أدار ظهره لي وخلع قميصه...
و...... يا للهول....!!!!
فقال ودموعه في انهمار ...
من أجل هذا أبكي ...وأنهر الدموع ..
فالرصاصات كلها زارتني في ظهري...
لم تستطع مواجهتي .. مواجهة الشجعان ..
مؤامرة ومكيدة دبرت لي ...
كان شوقي واملي كبيران ...
لكن الرحمة لم تتفضل علي برحمتها ...
ولم تنعم علي بهذا الإكرام ...
بل جعلتني أذرف الدموع .
حزنا واسى على مصيبتي...
آآآه ... آآآه
كل رصاصة منها .. كانت تفتت قطعة مني ...
لم أحتمل ... انفجرت ....
أفرغت كل الأسى والحزن الذي ماج في صدري. ..
ولولا المستديرة ... لكانت حالتي أسوأ ...
ويزداد الجرح ألما ... عندما ترى تبرير الرصاصات...
فترى الفاجعة كل الفاجعة ...
والأعظم والأمر...
"لابد وأنك كنت تعلم" ...!!!
لو كنت أعلم لما غافلتني الرصاصات ...
وخرقت ظهري ...
لو كنت أعلم لكنت محلقا في السماء جذلان فرحا ...
......
....
أشفقت لحاله كثيرا ...
فالرصاصات ... خلفت وراءها ...
ثقوبا لا تسد ...
ودموعا لا تجف ...

(8) الرصاصة الثالثة والقاتلة
ويواصل السرد والحكاية ...
بقيت أعيش على بصيص أمل...
فنزف الدم قد أعياني..
والم الجراح قد هدت قواي ...
تمسكت بالأمل الأخير..
وكنت أعتقد بأنه البلسم لجراحي ..
والدواء لمرضي ...
ولكن هيهات .. هيهات ...
فالحياة ...
ارادت أن لا تترك مجالا للفرحة في قلبي ..
بل حكمت علي حكما أبديا ...
بأن أظل أعيش معذبا مشلولا ...
أنتقل من هم إلى هم آخر ..
آآآآه يا قلبي المعذب ...
ما ذنبك ؟؟
ماذا فعلت لتلقى هذا المصير الأسود ...؟؟؟
وتأتي الرصاصة الثالثة ...
وتسدد من مكان قريب جدا ...
لتستقر في عمق قلبي المعذب...
كانت الرصاصة مختلفة عن سابقاتها...
كانت معطرة بروائح زكية ...
ويفوح منها عبير وأريج جميل ..
وكنت أنا في غمرة الإنهاك الفكري والبدني ...
حتى أني لم أستطع أن أتفادى الرصاصة...
فسقطت على الأرض صريعا ....
والدموع تملأ عيني ...
بكيت لأني استغللت ... فقد كنت أبذل بحسن نية ...
ولكن جرى ما لم يكن في الحسبان ...
بكيت .... لأني والغريب تساوت رتبتانا ...
بكيت ...من أجل الرسالة التي أتت وأنا لا أستحق الرسالة ...
بكيت .. لأنه قد خاب الأمل بمن أعتقدتهم هم الأمل ...
ها هي أحلامي تتكسر على صخرة الواقع المرير...
ها هي أمنياتي تتبخر أمام قسوة الحقيقة ..
عدت من أحلامي وأمالي بخفي حنين ...
علمت الآن لماذا يتشاءم البعض من تاريخ معين دون غيره ...
إنه تاريخ يذكرني بالمصائب ...
إنه تاريخ عرفت فيه قدر نفسي عند غيري. ..
إنه تاريخ فيه ...
شيعت جنازتي ...

الخميس، يوليو 27، 2006

ليلة غرة رجب في أبوظبي


صباح الخير . كان هذا اليوم يوما حافلا مليئا بالأحداث و الأخبار. نهضت من النوم وغيرت ملابسي وتوجهت إلى مقر عملي وسبحان الله ، لقد حصلت على موقف بسرعة وأمام مبنى الشركة. وقوفي في ذلك المكان لم يكن صحيحا من الناحية القانونية ولكنه صحيح بالعنوان الثانوي وذلك لشح المواقف. نزلت من السيارة لأفاجأ بتقدم فتاة غير محجبة مني وكان واضحا من أنها كانت تتنظر ترجلي من السيارة. تقدمت نحوي وسألتني هل تجيد قيادة السيارات بالغيار اليدوي !! فأجبتها بالإيجاب. أعطتني عندها مفاتيح سيارتها وطلبت مني أن أركنها في موقف معين حيث أنها عجزت لصعوبة الوضع وتقارب السيارات الشديد من بعضها البعض. تأملت الموقف قليلا ثم تأملت الشارع قليلا ورسمت خطة الوقوف في ذهني. فعلا استطعت أن اركنها بسهولة . الأمر الصعب كان إدارة مقود السيارة فقد كان عسيرا جدا كون السيارة كانت قديمة جدا. شكرتني الفتاة كثيرا ثم دخلت الشركة وبدأت عمل اليوم. خرجت بعد ساعة وتوجهت إلى بنك الإتحاد الوطني فرع السلام لأقوم بفتح حساب بنكي خاص بي وتطلب الأمر ساعة تقريبا لانتظار دوري وكذلك الوقت المستغرق في فتح الحساب . عدت بعدها للشركة وبعد حوالي ساعة أيضا كلفني مديري للتوجه إلى سوق أبوظبي للأوراق المالية لأداء مهمة معينة لصالح الشركة وأرسل معي أحد وسطاء الشركة واسمه بلال وهو لبناني حتى يعرفني بطريقة أداء هذه المهمة حتى يتسنى لي أداؤها لاحقا بمفردي. في طريق العودة تحدثنا وتناقشنا كثيرا في بعض المواضيع. وصلنا الشركة ثم غادرتها بعد نهاية الدوام أي بعد الثانية ، عدت إلى الفندق لأنام وأستريح استعدادا لليلة الرغائب.
وصلت المسجد مسجد الرسول الأعظم (ص) (حيث تقام الأعمال) متأخرا قليلا ، أفطرت على تمر وماء ولحقت بالجماعة في الركعة الأخيرة ، ثم بدأت الأعمال وكان يؤدون صلاة ليلة الرغائب متابعة مع الإمام وكذلك أذكار ما بعد الصلاة. لم آت بالصلاة متابعة معهم بل سبقتهم لأني كنت أريد أن أقرأ زيارة الإمام الحسين (ع). كان جو الأعمال جميلا خصوصا بصوت الإمام ولحنه الجميل. وبعد صلاة العشاء قُرأت الصفحة الأخيرة من دعاء كميل وفسرت الأمر بأنه نتيجة لتأخر الوقت. انتهت كل هذه الأمور في التاسعة وخمس دقائق تقريبا. تقدم مني أحد الإخوة مسلما علي وكأنه يعرفني وتبينت أنه عماني يقيم في الإمارات وهو السيد طه الموسوي شقيق نبيل صاحب مكتبة الثقلين بمطرح. عرفته على نفسي ثم أوصلني إلى المأتم الكبير حيث القراءة بمناسبة وفاة الإمام الهادي (ع). دخلت المأتم وكان مأتما فخما جدا كفنادق خمس نجوم، كنت أتأمل في روعة تصميمه الداخلي فتصميمه لا يقارن بتصميم المسجد أبدا. كانت المقاعد الوثيرة تملأ جوانب المأتم، لم أكن أستطيع ان أتصور أن يقرأ المجلس وأنا على مقعد وثير. المهم انتظرنا والحاضرين حوالي 40 دقيقة حتى بدأ المجلس الذي خيب آمالي حقيقة الأمر. فلا قصيدة في مستهل المجلس ولا ترابط في الموضوع ولا ذكر لمصيبة الوفاة ولا نعي فضلا عن التأخير الشديد في بدء المحاضرة... لم أعش روحية المأتم أبدا في هذا المجلس. بعد الإنتهاء من المجلس أقيمت وليمة العشاء الفاخر جدا. مختلف أنواع الفواكه وصينيات كثيرة من العيش ولحم الغنم. كانت وجبة دسمة بحق بالنسبة لي. بعد العشاء عرفت نفسي إلى السيد صادق محمد اللاري إمام جماعة مسجد الرسول الأعظم (ص). ثم عدت بعدها إلى الفندق وكانت حوالي الحادية عشرة. بعدها ذهبت إلى مقهى الإنترنت وتحدثت إلى أهلي ثم عدت الفندق ، وانتهى.

الجمعة، يوليو 21، 2006

يوم سفري إلى ابوظبي للعمل

كان يوما عجيبا بحق، إنه يوم الفراق والوداع. كان يوم الرحيل ، رحيل إلى مجهول لا يعلمه إلا الله تعالى. صليت آخر صلاة جمعة في مسجد الرسول الأعظم (ص) بمطرح. وبعد الغداء ودعت الأهل والأحبة وانطلقت في رحلة و مغامرة جديدة ,وكذلك في تحد جديد أسأل الله أن يوقفني فيها. لم أحس بطول المسافة فالوقت مضى سريعا، كان الأهم عندي أن أعبر الحدود قبل حلول الظلام وقد حصل ذلك. بعد أن عبرت الحدود كان لدي خياران إما الدخول إلى العين مباشرة أو الدخول إلى البريمي و من ثم العين فأبوظبي. اخترت الطريق الثاني لأودع آخر شبر من عمان الحبيبة كما كنت أود أن أسترجع بها بعضا من ذكريات العيش في البريمي قبل ثماني سنوات. خمس دقائق كانت كافية لأن أجتاز أرض الوطن لأصبح تحت سماء ثانية. استغرق الطريق مني من العين إلى أبوظبي حوالي الساعة وخمس أربعين دقيقة تخللها وقوف نصف ساعة للصلاة. وصلت أبوظبي حوالي التاسعة -بعد أن تهت قليلا بسبب إقفال الشرطة للشارع الرئيسي- واستقبلني أحد موظفي الشركة واسمه مصطفى وأراني مقر الشركة قبل أن يوصلني إلى الفندق واسمه (الديار كابيتال). شكرته وودعته ثم استرحت قليلا في الغرفة تحدثت فيها إلى أهلي وزوجتي . بعدها خرجت لأستكشف الجوار قليلا وتعشيت وكانت الساعة حوالي الحادية عشرة والنصف. بعدها عدت إلى غرفتي وهي غرفة جيدة لكن إضاءتها ضعيفة. المهم شاهدت التلفاز قليلا ثم خلدت إلى النوم.

الثلاثاء، يونيو 27، 2006

فعلناها

كان وحيدا يشاهد برنامجه المفضل... كان البرنامج مثيرا جدا، فعيناه كانتا لا تفارقان التلفاز. كان يخشى أن ينظر حتى إلى ساعته حتى لا يفوته أي جزء من المشهد. لم يبق على البرنامج إلا دقائق معدودة والإثارة تعلو وتعلو. قطرات العرق تملأ جسده ودقات قلبه في تسارع وتصاعد. و دون سابق إنذار ، قفزت الإثارة إلى أعلى مستوياتها ، ووصلت إلى قمتها. وصاحبنا المسكين قد استحكم به الشد العصبي والذهني والنفسي.
أصبح جزءا لا يتجزأ من البرنامج، (لو رأيته لوليت منه فرارا ولملئت منه رعبا). وهو في ترقب وانتظار على أحر من الجمر. كان ينظر بعين واحدة ، و ....... و .......
ارتجت جدران المنزل ارتجاجا عنيفا !! ماذا حصل ؟؟ ما الذي حدث ؟؟
صيحة مدوية أطلقها صاحبنا ، لقد انتهى البرنامج ويا لها من نهاية مثيرة مدوية. صراخ ، وصياح ، وعويل !! مشاعر متضاربة كانت تموج في نفسه. فبين قلق وهم عظيم ، وألم كبير كان يعيشه .. انقلبت فجأة إلى سرور وفرح شديدين جدا ، كادت معنوياته أن تنهار ونفسيته أن تتحطم. استمر بالصراخ لخمس دقائق كاملة. بعدها بدأ بالعودة تدريجيا إلى طبيعته وبدأ يستعيد هدوءه شيئا فشيئا. افترش الأرض ...
وبعينين تقطرا بدموع الفرح ....
"نعم لقد فعلناها"

الأربعاء، مايو 17، 2006

الرادار والمواطن العماني

لا يخفى على المواطن العماني أن كثير من الوفيات والإصابات سببها حوادث السير الكثيرة التي تحصل في البلاد. كم من أسرة فقدت أعزاءها في حادث سير وهم عائدون من أماكن عملهم لقضاء إجازة العيد مع ذويهم !! . كم من حادث أودى بحياة أبرياء لا ذنب لهم سوى أن القدر أتى بهم على سائق متهور لا يقيم وزنا لحياة الناس ويعتبرها رخيصة فأرسلهم إلى مثواهم الأخير !! بما أن السرعة هي العامل الأساس وراء أغلب هذه الحوادث، من هنا كان لزاما على المسؤولين اتخاذ إجراءات رادعة للتقليل من هذه الحوادث قدر المستطاع لحفظ الأرواح التي هي مسؤولية الجميع.
بعد هذه المقدمة البسيطة أحببت أن أعلق وأسطر بعض الملاحظات على موضوع أجهزة ضبط السرعة (الرادارات) التي وضعتها شرطة عمان السلطانية في أماكن كثيرة ومتفرقة من مناطق السلطنة والتي لاقت مختلف ردود الأفعال. بعض ردود الأفعال رصدتها جريدة الوطن في تقرير سابق وبعضها عرضت في برنامج (في دائرة الضوء) على شاشة تلفزيون سلطنة عمان. حقيقة استغربت كثيرا من بعض الآراء التي طرحت والتي انتقدت الرادارات بشدة وسيقت لذلك الكثير من الحجج والتي سأعلق عليها تباعا.
قول بعض الناس: ألم تراعي الشرطة ميزانية المواطن العماني ؟؟ ألا يكفي مبلغ التجديد فيضاف عبء دفع المخالفات التي تقصم ظهر ميزانية هذا المواطن المسكين ؟؟ أقول لا تلام الشرطة بل يلام المواطن الذي لم يراع ميزانيته المحدودة فأثقل كاهله بمخالفات سرعة لا داعي لها. صحيح إن الخطأ الذي ينبغي على الشرطة أن تدركه وأن تعالجه هو أن المواطن لا يصله إشعار بالمخالفات إلا مع التجديد وهو أمر غير جيد على الإطلاق. على الشرطة أن تجد طريقة تشعر فيها المخالف بهذه المخالفة حتى لا يتفاجأ بها عند تجديد ملكية سيارته، وأن تكون المخالفة رادعة له طوال فترة ما قبل تجديد الملكية.
من الناس من يقول: إن هذه الرادارات تسبب الحوادث !!! كيف هذا ؟؟ استمعوا لطريقة الشرح. في مقابلة مع أحد المواطنين يقول، أنا من الناس الذين يحفظون أماكن وجود الرادارات ، فعليه أقود بسرعة أكثر من المسموح به وعند أماكن وجود الرادارات أخفف فجأة فيتفاجأ السائق الذي خلفي بانخفاض السرعة المفاجئ فيحدث الاصطدام بسبب هذا الرادار !!! أظن أننا نتفق جميعا معه أن السبب هو الرادار !!! أقول مثل هذا السائق خطير جدا على الشوارع ينبغي أن لا يحذر منه فحسب بل يرسل إلى معهد تأهيلي!!.
من الحجج التي سيقت على عدم جدوى الرادارات وأنها نقمة لا نعمة الحجة التالية: أن الرادارات تؤثر سلبا على السيارة وتقلل عمرها ، وذلك لأن الناس يقودون بسرعة وعندما يقتربون من الرادار يضغطون على الفرامل بطريقة مفاجئة مما يؤثر سلبا عليها. أقول تقليل عمر السيارة ليس من أخطاء الرادار بل من أخطاء السائق. ما ذنب الرادار إذا كان السائق يقود بسرعة أكثر من المسموح ثم فجأة يفرمل السيارة لوجود الرادار. مجرد تشبيه بسيط كالسارق الذي يسرق ثم يلوم القاضي إذا حكم عليه فيشوه بها سمعته. فتقليل عمر السيارة هو نتيجة عدم التزام السائق بالقوانين وهو عذر أقبح من الذنب نفسه.
هناك من قال: عندما يأتي رادار ..أخفف السرعة ثم أزيدها وما هي إلا دقائق وأخفضها لوجود رادار ثاني ... أصبحنا لا نستطيع أن نسرع !!! أقول عظيم ها هي الرادارات عادت علينا بالفائدة المرجوة. وأتمنى أن تزيد وتتقارب حتى لا تعطي الفرصة لزيادة السرعة.
نقطة أخيرة أعلق عليها، بعض الناس قالوا ..إن هذه الرادارات فائدتها حصول الشرطة على الأموال وليس الردع. أرد وأقول أنا لا أعتقد ذلك لماذا ؟؟ لأن الرادارات أصبحت ثابتة .. يستطيع الجميع أن يحفظ أماكنها فيفوت الفرصة على الشرطة للحصول على أموال المخالفات والأمر ليس كالسابق حيث كان الرادار يخبأ خلف الأعمدة وعند أماكن معينة وفي أوقات معينة ... كنا نشم فيها رائحة تجميع الأموال على حساب الردع.
أخيرا أوجه تحية كبيرة إلى شرطة عمان السلطانية لتنفيذها هذا المشروع الكبير مشروع الرادارات وأتمنى أن تكثر وتصبح موجودة في كل مكان حتى تكون رادعة للكل فتحفظ بها الأنفس والأرواح.