الجمعة، سبتمبر 02، 2005

عذرا مني إليك

سعادة وفرح وسرور ...
تزينت النجوم ، وتعطرت الكواكب...
وأقبل البدر بحلته البهية ..
ازدانت الأرض بأنوارها اللامعة ..
نشرت الرياحين عبيرها وأريجها...
كل بقعة في الكون كانت تنطق بالسعادة والبهجة ...
لم لا ؟؟ فاليوم يوم عيد ..
عيد طالما انتظرناه ...ودعونا الله أن يبقينا لنشهده ونسعد به ..
وبين تلك الفرحة الغامرة ...وبين ترانيم العيد وأناشيده ...
غرست تلك النبتة ......وليتني ما غرستها...
لقد أنستني الفرحة نفسي فأصررت على غرسها رغم معرفتي بعدم نقاء بذرتها...
أثمرت سريعا ....أثمرت عن زهور سوداء ...
كانت قبيحة المنظر كريهة الرائحة ...
تغيرت الوجوه واشمأزت النفوس ...
تألمت كثيرا ...وبكيت ...
فقد أفسدت فرحة العيد ...بزهوري السوداء ..
ولا ملام غيري ...
كان حريا بي التأني ...ولكن ولات حين مناص ..
فالرائحة الكريهة بسطت نفوذها على المكان ...
أتيتك مطرقا رأسي ..وبكل خجل الدنيا ...
ابعث إليك من أعماق قلبي ..زفرة حارة مملوءة بالأسف والاعتذار ..
فهل ستتفضل عليّ وتعطرني بعطر الصفح والسماح وفي يوم عيدك ؟؟

الثلاثاء، أغسطس 30، 2005

مولد النور

خاطرة كتبتها لوالدتي العزيزة قرأتها يوم ميلاد النبي محمد (ص)
عم الضياء والنور...
فاح عطر الفرح والسرور....
رفرفت العصافير وغنت الطيور...
جفت بحيرة ساوى... وتصدع إيوان كسرى ...وخمدت نار الفرس ...
ما الخطب؟؟ ما الخبر؟؟...
فإذا الجواب ....
إنه السابع عشر...
إنه مولد محمد سيد البشر...

إليك يا حليمة هذا اليتيم....
أرضعيه فإن فيه الخير العميم...
شرب منها حليب الشجاعة والفروسية..
فعادت إليها أرضها حيوية..
ماء وزرع ورزق وافر...
بنور حبيب الله...
بنور محمد بن عبد الله....

تلقاه أبو طالب في سن الطفولة...
غرس فيه فسائل النبل والبطولة...
رباه على أشرف المحاسن والفضائل..
ونحاه عن أقبح المساوئ والرذائل...
فأصبح فيهم....في قريش...
أشرف الشرفاء...وأعظم العظماء...
حتى قلد وسام العزة والفخار...
فإذا بالناس قائلين....
ذلك محمد الصادق الأمين...

وأتت تلك الليلة الموعودة....
لتبارك فيه صفاته المحمودة...
فهذا جبريل قادم من السماء...
في حلة جميلة وبهاء....
حاملا معه من الباري نداء....
"إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق"...
يا محمد....أنت نبي هذه الأمة...
فخذ الكتاب بقوة...
وامضي في سبيلي فأنت الصفوة....

أتى البراق يمشي الهوينا....
كي يعتليه المصطفى....
ويسرى به من مكة المكرمة إلى قدس المقدسة....
وهناك يكرم سيد الأتقياء...
بالصلاة إماما على كل الأنبياء...
بعدها التشريف كل التشريف...
لصاحب رسالة الدين الحنيف...
"ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى"
ويأتي النداء من بطنان عرش التجلي الأعظم...
أن شرف بساطنا بنعليك يا أحمد يا محمد..

كم له من معجزات أبهرت العقول...
وبراهين واضحات ليس لها أفول...
فشق القمر آية....
وتفجير النبع من الصخر آية...
ومسحه ببصاقه على عين علي فتبرأ آية...
ناهيك عن الآية الكبرى والمعجزة العظمى...
أم البراهين وأعظمها ....
مفخرة المفاخر وأتمها...
"إنا أنزلناه في ليلة القدر"...
إنه ذلك الكتاب اللامع، والنور الساطع..
إنه كتاب الله العظيم...
إنه القرآن الكريم...
إنه معجزة محمد...

جاء الحبيب ليتمم مكارم الأخلاق...
ويئد من كان يئد خشية إملاق...
تزاحمت فيه الأضداد من الصفات..
فكانت هذه من أرفع السمات...
فهو الرحيم بمن آمنوا بالكتاب...
وهو الشديد إذا اشتد الخطاب...
وهو العطوف الودود في بريته...
والحليم العفيف في سجيته...
ضعيف ذليل إذا اختلى بجبار السماوات..
قوي إذا انتهكت الحرمات...
" وإنك لعلى خلق عظيم"

"ولكم في رسول الله أسوة حسنة"...
هذا خطاب الهدى والفوز بالجنة...
يا ترى ما حالنا...وما خطرنا....
"قل الحق ولو على نفسك"
مقولة تناسيناها فابتعدنا يا رسول الله عن خطك...
بل وفي الأول من نيسان...
يتباهى بكذبته كل إنسان...
كم أوصانا المصطفى بكتمان السر والأمانة
ضربنا بهذه الكلمات عرض الحائط وكأنها مهانة...
لساننا كالمذياع والتلفاز ناطق...
وخيانتنا للأمانة فاقت كل فائق...
فلنعد إلى الحق...ولنتمسك بالصدق..
ولنسر على الصراط المستقيم...
صراط محمد وآله الطاهرين...

كسفت شمس مثلنا العليا فبتنا في فزع...
خسفت أقمار المكارم فأمسى على القلب وجع...
"وقروا الكبير واعطفوا على الصغير"
وطئتها أقدامنا بكل وقاحة...
بأوامر من (الأنا) بعطر المسك فواحة...
و" العفو عند المقدرة"...أين نحن منها؟؟..
أطلق الرسول...أعداءه الطلقاء...
ونحن...نقتص حتى من الأشقاء...
لا نحسن الظن بالناس من حولنا...
وكأن شريعة محمد لم تأت لنا...
الهدوء ولين المعاملة انقرضا...
وحل الصراخ وسوء الخلق مكانهما عوضا
لماذا لا نؤوب إلى الصواب؟؟...
لماذا لا ننهض من الغفلة..
فلنتذكر " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"
كم وكم شدد الرسول على العفة وغض البصر...
قال أفيقوا ولا تركنوا إلى هذا الخطر...
ونحن قد هتكنا بغفلتنا كل ستر...
طار الحجاب...
والعذر..إن الأهم ما في لب البشر...
والأغاني والخلاعة...
صارت رمزا للحضارة يا من حضر...
أحاديث الشباب والشابات...
حاولوا بشتى وسائلهم إيجاد العذر...
نسوا تلكم القيم بل تناسوها...
فغاصوا في ظلام الجهل...
وعلقوا في مستنقع الرذيلة...
لا منقذ ولا منجي منها...
سوى التمسك بطوق النجاة (التوبة)...
ثم الصعود إلى سفينة النجاة...
سفينة محمد وآل محمد..

تكاثرت الهموم والغموم علينا...
جار الزمان، والدهر سلط سيفه علينا..
الهي من يخلصنا وينقذنا من هذه المحنة..
سيدي عجل لنا ظهور وليك...
وانصر به صواب سبيلك...
يا سمي الهادي...
ارفق بفؤادي...
واخرج فكلنا لك ايادي...
وانصر بسيفك البتار...
شرعة محمد والعترة الأطهار...
اللهم إنا نسألك المغفرة...
بحق محمد وآل محمد...

السبت، مايو 21، 2005

تأملات في موضوع الخطبة

قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".
أمنية الشباب والشابات أن يتزوجوا وأن يركنوا إلى نصفهم الثاني المكمل لهم. يهفو الرجل إلى أن تجري الأيام ويقترن بفتاة أحلامه متخيلا إياها تنزل من الطابق العلوي مرتدية ذلك الفستان الأبيض الذي يسحر عينيه. وتنتظر الفتاة بشوق غامر فارس أحلامها الذي سيأتي طالبا ودها ممتطيا حصانا أبيض اللون؛ فيبدأون بها حياة ثانية تهدف إلى سد الثغرات الموجودة في الشريك لتكامله في طريق سيره إلى الله تعالى ، مع إثقال الأرض بكلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" بذرية صالحة مؤمنة تكمل ما تم بناؤه سابقا فيفوز الزوجان بسعادة الدارين.
وتأتي البداية بالخطبة ، فتشيع الفرحة والسعادة في البيوت، فقد كبر الأولاد والبنات ، وهم يحاولون شق المتبقي من طريق الحياة مع من اختاروهم بعقولهم وقلوبهم. وهي فرحة كبرى للشباب المتدين أن يقترن بالمتدينات من النساء والعكس صحيح فهم يسعون إلى زيادة رصيدهم من الحسنات في الدار الآخرة من خلال علاقة يتمنى كل واحد منهم أن يبارك الله له فيها ويلهمهم السير على طريق الخير والصلاح وأن ينذر نفسه لخدمة شريك عمره وحياته.
ها أنا ذا أمر في هذه المرحلة الجميلة والغريبة في حياتي... فقد حصلت على وعد بالزواج. أمر في هذه المرحلة وألحظ وألتقط الكثير من النقاط والملاحظات واستمع إلى بعض التجارب المتعلقة بالخطبة ، مكتسبا بعض الخبرات ممن سبقوني في كيفية التعامل الأمثل مع هذه المرحلة الحساسة. أحب في هذه المقالة أن أقف على بعض الأمور التي تتعلق بالخطبة مقدما فيها تأملاتي وآرائي الشخصية التي قد تصيب وقد تخطئ وذلك استنادا على تجربتي القصيرة وتجارب أعزاء آخرين ... آملا أن يستفيد منها من يمر بهذه المرحلة الآن أو من سيقبل عليها لاحقا (إن كان هناك ما يستفاد من كتابتي هذه) ... أسال الله أن يتقبل عملي هذا بأحسن قبوله.

الخطبة تحدي:
إننا كشباب متدين أو نسعى أن نكون كذلك، نحاول جهدنا أن نتواجد حيث مواطن رضا الله تعالى، ونتجنب في الوقت نفسه مواطن سخطه. لا نفرق في ذلك بين موضوع وآخر، فإذا أخطأنا علينا أن لا ننظر إلى صغر الخطأ، بل ننظر في حق من أخطأنا. أعتقد أن مرحلة الخطبة تشكل أرضية مناسبة ومهيئة لكثير من التجاوزات التي قد تحدث من طرف الخطيب والخطيبة بقصد أو من دون قصد ، فهي مرحلة تبدأ فيها المشاعر بالنمو، وفطري في الإنسان أن يحاول إسعاد الآخرين فكيف بالخطيب والخطيبة ؟! ، فكلا الطرفين يسعى لإسعاد الطرف الثاني ، ولكنهم قد يسلكوا الطريق الخاطئ بعلم أو بدون علم؛ لذا أعدها(الخطبة) واحدة من التحديات التي تواجه الشباب المتدين. ومن خلال حواراتي مع العديد من الشباب وما سمعته من تجارب سابقة ، صرت أتلمس وجود بعض الانزلاقات البطيئة التي تحدث ثم يبرر لها بمختلف التبريرات والأعذار.


الخطبة وعد بالزواج:
يتغافل الكثير من الناس دون قصد عن مفهوم الخطبة وأنها وعد بالزواج وليست زواجا. صحيح لو سألتهم هل الخطيبة زوجة؟ فالإجابة حتما واضحة عند الجميع : لا. ولكن يختلف تطبيق معنى (لا) عند الناس. وصحيح أيضا أن الخاطب لا يتعامل مع مخطوبته على أنها زوجة هذا أكيد ، ولكن في المقابل فإني ألمس من المشاهدة والسماع أنه أيضا لا يتعامل معها على أنها خطيبته وأجنبية شرعا. ألاحظ أن التعامل معها يصبح تعاملا أخويا ، فيزول الحرج في الكلام بعد فترة من الزمن ، وتتغير المواضيع ، وقد يزداد الضحك والمزاح ، وتتغير العبارات والألفاظ ، وبعضها لا ينبغي أن تخرج من الشباب لاسيما المتدينين منهم. فينبغي التأكيد والتأكيد على أن الخطيبة أجنبية شرعا ، وليست أختا.

الهدايا المتبادلة:
من الوسائل التي تقرب القلوب لبعضها أكثر فأكثر الهدية. وأقصد بها الهدايا التي يتبادلها المخطوبان شخصيا وليس هدايا الأهل. يجد الخطيب في الهدية مجالا لاصطياد قلب الطرف الثاني. الهدية شيء جميل ولا أدعي أنها فكرة غير صحيحة في الخطبة ، لا أدعي هذا الأمر أبدا، ولكن ضمن قاعدة "لا إفراط ولا تفريط". صحيح من الجميل تبادل الهدايا في بعض المناسبات كالأعياد ولكن البعض يبتدع مناسبات خيالية ليبرر لنفسه هديته لخطيبته و جميل أيضا أن يكون الخطيب مبدعا في اختيار وتصميم هديته من دون أن يفقد اتزانه. بعض الشباب تنبعث فيهم الحماسة عند اقتراب مناسبة تستدعي هدية ولنقل عيد ميلاد الخطيبة على سبيل المثال ، ويتمنون أن تحوز الهدية على إعجاب الخطيبة الشديد ، فقد تدفعهم هذه الحماسة إلى عدم التفكير السليم في نوع الهدية وتصميمها وطريقة تقديمها ونوع العبارات المستخدمة في الهدية، وقد تكون الهدية على حد تعبير البعض هجومية (Aggressive) ، يستثير بها المشاعر العاطفية لدى الفتاة بعزفه على الوتر الحساس بعبارات الغزل الصريحة والخفية، فيسرع من عملية التقارب العاطفي معها والتي ستنعكس في أمور أخرى لاحقا مع أن مدة الخطبة أمامه طويلة. أعتقد أنه من الحكمة أن يخطط المرء لهذه الفترة فإذا انفتح المجال بسرعة عندها يصعب التحكم وتصعب العودة إلى ما قبل هذا الانفتاح ، هذا غير الإشكال الشرعي الذي قد ينتج بسبب هكذا صنف من الهدايا. وأخيرا أتسآل عن وجهة نظركم في الورود بمختلف ألوانها ومجسمات وصور القلوب كهدايا تعطى للخطيبة. هل هي مقبولة؟ أم هي سابق لأوانها في الخطبة ؟ أم ماذا ؟ فالبعض يظن أن مثل هذه الهدايا قد لا تكون مناسبة في هذه الفترة حتى لا تنمو المشاعر بشكل يصعب لاحقا التحكم بها كما أراها أنا.

المكالمات الهاتفية:
الوقفة الأولى: من الملاحظ جدا وأظن أن هناك الكثير ممن يتفق معي...أنه بمجرد أن تتم الخطبة فإن الخاطب والمخطوبة و كثير من الأهل يعلنون حلية المكالمات من دون رقيب أو حسيب ، طالت هذه المكالمات أم قصرت ، كثرت أم نقصت ، المهم أنها تصبح مقبولة عند الأغلب الأعم من دون حسيب أو رقيب.
في هذه النقطة تحضرني بعض التجارب التي سمعتها ووقفت عندها متأملا. تحضرني الآن تجربة مر بها أحد الأصدقاء يقول فيها: "اتصلت في يوم من الأيام بإحدى الفتيات المتدينات ،لا هي خطيبتي ولا تربطني بها حتى قرابة ، اتصلت بها مستفسرا عن أمر معين مهم (لا داعي لذكره هنا) ، لم تتعد المكالمة خمسة أو سبعة دقائق ، ولم أحد عن هذا الأمر المعين أبدا. فوجئت لاحقا برسالة عتاب شديدة اللهجة أتت من طرف أهل البنت وكأنني مجرم." صحيح لقد أخطأ هذا الشاب في الطريقة والأسلوب بلا شك ، فهناك وسائل عديدة وبديلة كان عليه أن يتبعها وتؤدي نفس الغرض بدل هذا الأسلوب الخاطئ. ما لفتني أن حديثه اقتصر على سبعة دقائق وفي موضوع واحد محدد ومهم ولا توجد بينهم أية مشاعر أو عواطف واعتبره الأهل ما اعتبروه ، ولكن الخطيب يتحدث مع خطيبته الأجنبية شرعا لساعة وساعتين وثلاثة وربما أكثر من دون حسيب أو رقيب (وهما يختزنان في داخلهما مشاعر وعواطف قد تطفو على مكالماتهم) فلا ندري أهي أمور مهمة ، أم تافهة لتمضية الوقت ولا أحد ينكر ذلك وكأنه أمر عادي ، بل ويسوغ بعبارة " دعوه فله الحق أن يتعرف على زوجته المستقبلية". صحيح هناك من الأهالي من يرون أن ذلك ليس صحيحا أبدا ويستنكرونه ، ولكني أتحدث بشكل عام.
الوقفة الثانية: من الأمور التي استرعت اهتمامي عند حديثي مع مختلف الشباب أن الكثير منهم يقارن غيره مع نفسه في مقارنات أعتقد أنها ليست صحيحة. مثلا: عندما نسأل الرجل لماذا تتحدث مع خطيبتك لمدة ساعتين؟ فيجيب: اذهب وانظر إلى المتدينين الآخرين يخبروك أنهم يطيلونها لثلاث ساعات وأكثر ، فما أفعله قليل مقارنة معهم وأعده مقبولا. ويتمسك الكثير بهذا العذر حتى لو كانت مكالماتهم لمدة ساعة (اٌقل، أكثر) ، بل قد يتجاوزون الحدود الشرعية في هذه الساعة والآخر قد يعطي محاضرة دينية مهمة لخطيبته تمتد لساعتين أو أكثر. ولكن العذر يبقى : أنا أفضل من غيري من المتدينين. لذا أعتقد أن مثل هذه المقارنات غير صحيحة كما وأعتقد أن الإفصاح عن مدة المكالمات بين الشباب أمر غير محبذ للطريقة الخاطئة (والتي ذكرتها) التي يمكن أن يستغل بها هذا الإفصاح.
الوقفة الثالثة: قد يتفق الخطيبان على أن ينبه كل منهما الآخر في حال لاحت بوادر الخروج عن الحدود المتفق عدم تجازوها ، ولكن من خلال التجربة والسؤال أستطيع أن أقول : لا تنتظر أن تأتي خطيبتك وتنبهك إلى تجاوزك، فالبنت ضعيفة في هذا الجانب فالكلمة الجميلة ، والهدية الساحرة ، تفرحها وقد لا تشعر بالخطأ فيها. طبعا ليس الجميع كذلك. تخيل إذا بدأت بكلمة جميلة حلوة ، ولم تنبهك خطيبتك عندها قد تحاول استعمالها ثانية ، وشيئا فشيئا تصبح الكلمة الحلوة عادية ، ولن تشعر بأنك مخطئ حينها وأنك تجاوزت حدودك، وهذا هو الخطر الأعظم. أعتقد أن مفتاح هذا الموضوع بيدك أنت أيها الرجل ، فكن أنت حازما مع نفسك فلا "تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا" وحاسب نفسك جيدا.
الوقفة الرابعة: سئل أحد الشباب ذات يوم ، كم هي الفترة التي وضعتها بين مكالمة وأخرى مع خطيبتك؟ فأجاب: لقد مضى شهر كامل ، وأنا لم أتحدث معها. فرد عليه السائل: ألا تراعي خطيبتك في هذا الجانب ؟؟ والبعض يقول كيف تستحمل أنت وكيف تستحمل خطيبتك ؟؟؟ شهر هذا كثير !!! استوقفني هذا السؤال وتأملت فيه، يا ترى ما معنى أراعي خطيبتي ... يعني هل أسمعها صوتي ...أم أسمعها بعض الكلمات التي تحتاجها ...أم نفس المكالمة هي المراعاة حتى لو لم يكن هناك موضوع محدد للتحدث فيه ؟؟؟؟
افترضت أن الجواب الثالث هو ما قصده السائل ، وأقول صحيح لا حرج في أن أحادث الفتاة بين فترة وأخرى مسلما عليها سائلا عن أحوال البيت والأهل ..لا ضير في ذلك ...ولكن من الخطأ أن يتحدث الناس هكذا ويصورون الخطيب على أنه مخطئ ...وأنا أرى أنه ليس مخطئا ... فقد لا يكون هناك موضوع معين يتحدث فيه مع خطيبته ، فيحجم عن المكالمة حتى لا يكون كلامه بلا هدف ومن غير معنى، ثانيا فلننظر إلى الجانب الإيجابي منها ... الإمتناع عن المحادثة فترة معينة من الزمن تعني عدم الوقوع في إشكال شرعي (من الجهتين الخطيب والخطيبة) بسبب المحادثة يساوي تلك الفترة الزمنية. هذه وجهة نظري ...فأقول لا داعي أن يعطى الإحجام عن المكالمة هالة أكبر من حجمها الطبيعي ، وأعتقد أنه ليس صحيحا من يحاول إفهام الخطيب أن إحجامه عن المكالمة أمر غير صائب.
الوقفة الخامسة: سمعنا ونسمع من مختلف المتزوجين أنه مهما تعرفت على خطيبتك فإن الوضع يختلف بعد الزواج لا نقول تماما ، بل بنسبة كبيرة جدا. من هنا أضع تصوري الشخصي للمكالمات الهاتفية كنتيجة ، وهي أن يحدد الرجل بعض الأمور الأساسية التي يود معرفتها عن خطيبته لتعطيه فكرة عامة عنها (انظر مقالة الأخ فلاح) وتجعله مطمئنا إلى أن يكمل طريقه الأبدي معها فيحاورها في هذه المواضيع. وعند الفراغ من هذه الأمور الأساسية ، أرى عندها عدم جدوى المكالمة الهاتفية أبدا ، إلا للسلام والسؤال عن أحوالها وأحوال البيت والأهل العامة، وليس للتسامر وتمضية الوقت والخوض في مواضيع لا داعي لها.

الكلمات والعبارات:
ما هي العبارات والألفاظ التي لا ينبغي أن يخاطب الشاب خطيبته بها؟؟ طبعا لن نصل لمرحلة قول "أنا أحبك" أو "أنت حبيبتي" (هكذا أفترض) ، ولكن بعض العبارات الأخرى ؛ كعزيزتي ، تعجبيني ، انت لطيفة ، وردتي ، زهرتي ، سكر ، عسل ، وغيرها من العبارات والألفاظ التي قد يخاطب بها البعض خطيباتهم.
إذا أطلقت مثل هذه العبارات ولم يكن لها تفسير إلا التغزل ، يصبح استخدامها حراما ولا شك ، فالتغزل بالمرأة الأجنبية محرم شرعا. وإذا أطلقت هذه العبارات أمام الملأ وعلى رؤوس الأشهاد ، عندها يصعب على العامة تفسير هكذا عبارات إلا وأنها نوع من المغازلة ، فعلى الخطيب أن يتقي مواقع الشبهات وأن يبتعد عنها "رحم الله إمرءا جب الغيبة عن نفسه" فلا ينتظر أن يفهم الناس قصده من العبارات ، بل عليه أن يتحرز بنفسه فلا يعرض نفسه ولا خطيبته للإحراج والشبهة.
أيضا التصريح بهكذا عبارات أمام العامة من الناس له آثار غير حميدة منها (حسب ما أرى):
يضع الرجل في مواطن الشبهة (كما ذكرت)
يفقد الرجل هيبته أمام الناس مع كثرة استخدامه لهذه الكلمات لاسيما والفتاة ليست زوجته بعد، المتزوجون أنفسهم يستحون من استخدام هكذا عبارات لزوجاتهم أمام الناس !!!.
يشهر بالبنت ويضعها في مواطن الشبهة هي أيضا.
تؤثر على معنى التدين إذا صدرت من أناس يعدون متدينين (لاسيما إذا كانت العبارات محرما استخدامها).
تعطي هذه الظاهرة ذريعة للآخرين لاستخدام هكذا عبارات وتجاوزها لاحقا بحجة : والله فلان يقولها وهو متدين أكثر مني ، إذن لا ضير فيما أفعله.
فكروا فيما كتبته قد أكون صائبا وقد أكون مخطئا.

راحة البال والضمير:
مهما كان الإنسان سعيدا في حياته فإن سعادته ستظل مشوبة بالقلق فهي لا تتم إلا براحة البال والضمير. من خلال حديثي مع بعض الشباب ومن خلال تجربتي .. يلاحظ أنه ينتاب بعض الشباب المتحرز شعور بالقلق وعدم الراحة بعد الإنتهاء من مكالماتهم الهاتفية أو لقاءاتهم مع الخطيبة...لماذا ؟؟ لأنهم لا يستطيعون الجزم بأن المكالمة كلها كانت تحت الإطار الشرعي ومرضاة الله أم لا ...فالكثير لا يستطيع أن يحدد أخرج من الحد الشرعي أم لا ، الأمر الذي يزعجهم ويقلقهم.
أحد الأخوة يحكي قصة حدثت معه ، يقول : " خطبت فتاة صالحة عظيمة الشأن وكنت قد التقيت معها في منزلهم قبل الخطبة الرسمية بناءا على طلب من الأهل ، واختليت معها لمدة ربع إلى ثلث ساعة ، يقول: لقد أحسست أن هذه الخلوة كانت مهمة لأنها سهلت علينا طرح الباقي من الأسئلة المهمة التي تسبق الخطبة. ثم بعد مرور عدة أشهر على الخطوبة ذهبت إلى منزلهم ذات مرة...وبعد الجلوس قليلا مع الأهل فوجئت بانصرافهم جميعا وتركي وحيدا معها...أصبت بالارتباك..فلم أكن أتوقع هذا الأمر أبدا...سئل لماذا ؟ فأجاب: قبل الخطبة كانت مشاعري تجاه البنت صغيرة في بداية نموها فكان اللقاء عاديا ولم يكن هناك تأثير سيء للخلوة في اللقاء ، ولكن الوضع يختلف الآن ، اللقاء يحمل معان أخرى ، والمشاعر تجاهها كبرت كثيرا طوال هذه المدة فهي ليست أختي الآن وإنما هي شريكة حياتي المستقبلية فالأمر يختلف ، فخفت أن أنظر إليها بغير الحلال فعندما يتواجد أي من الوالدين معنا يكون الوضع مريحا ، المهم يضيف صاحب القصة: لقد كنت قلقا جدا في تلك الجلسة ولم أشعر فيها بالراحة لأني كنت أخشى أن أزل في أية لحظة."


وبعد كل ما كتبته وأسهبت فيه ...أعتقد بما قلته سابقا بأن الخطبة تشكل تحديا للشباب المتدين والذي يحاول تجنب الأخطاء ما أمكنه. وبعد هذه التحديات أطرح في الأسطر القادمة حلين يساعدان الشباب في تحسين علاقاتهم مع الخطيبة لتتماشى أكثر مع الحدود والضوابط الشرعية بشكل عام.



الحل الأول: لو أنها أختك:
من أفضل الطرق التي من خلالها اقتنعت أن الرجل يستطيع أن يحاسب بها نفسه ويطورها مع تعاليم السماء هي افتراضه أن أخته مخطوبة. فكيف تود أن تكون علاقتها مع خطيبها؟؟ ((حل لفتني إليه والدي العزيز)) ...فلتتخيل أيها الشاب أن أختك مخطوبة ...كيف تريد لهذه العلاقة أن تكون : بالمزاح والضحك ؟؟ ...أم بالمكالمات الطويلة دون حسيب أو رقيب ؟؟ أم بتقديم مختلف الهدايا لمناسبات عديدة مصطنعة وغير مصطنعة بطرق سليمة أو خاطئة ؟؟ أم بمخاطبتها بلفظة لطيفتي ، وردتي ، أميرتي ؟؟؟
أتحب أن تكون هذه العلاقة هي القائمة بين أختك ورجل أجنبي عنها حصل على وعد بالزواج فقط لا أكثر.
فما لا ترضاه لأختك "أعتقد" بأنك لن ترضاه لأخت غيرك (خطيبتك) ! أتصور أنه بعد هذه الفكرة ستراقب نفسك أكثر إذا كنت جادا بالفعل.

الحل الثاني: العقد المؤقت:
إذا كنا نحاول أن نكون في مواطن رضا الله تعالى ، وإذا كنا ننشد راحة البال والضمير ، لماذا نغلق على أنفسنا بابا أحله الله لنا...؟؟؟ لماذا لا نفكر في العقد المؤقت كحل أمثل لكل هذه التحديات والأخطاء التي قد تحصل وكذلك وخز الضمير ؟؟ لماذا نتـناسى هذه الفكرة ؟؟ عقد مؤقت مشروط بين الخطيبين لتحقيق المحرمية ليس إلا (بدون الدخول أو حتى اللمس) .. يحلل شرعا بينهم كل ما سلف: المكالمات الطويلة ، الهدايا الغريبة من ورود وقلوب ...الخ ، العبارات والألفاظ غير المحبذة (وقد تكون غير محللة) استخدامها قبل العقد المؤقت والتي تستثير العواطف والمشاعر ، الخلوة معها ... كلها تصبح محللة شرعا.
كل الآباء والأمهات يتمنون الخير لأولادهم وبناتهم، إنهم يتمنون ويحرصون على أن يكون فلذات أكبادهم متدينين يخافون الله تعالى، ويحرصون على تجنب الشبهات، فإذا كان العقد المؤقت المشروط يحل إشكالية العلاقة بين الخطيبين فلا ضير إذا من الإقدام عليه ، بل أظن أنه من الجيد أن يبادر الأهل بطرح هذا الموضوع على أولادهم وبناتهم. و إذا لم يكن الخطيبان يودان الإقدام على العقد المؤقت فهذا شأنهم و"لا إكراه في الدين" ، أما إذا أرادوا ذلك واعتقدوا أنه لصالحهم وسيحل لهم مشاكلهم ويجعلهم ضمن الإطار الشرعي ، فلا ينبغي (حسب رأيي) أن يقف الأهل حجر عثرة أمام هذا المشروع الحلال. وإذا خشي الأهل من الإحراج فليكن الموضوع طي الكتمان ، محصورا في أسرة الخطيب والخطيبة فقط.

وفي الختام أتمنى أن تكون مقالتي هذه أفادتكم ويا حبذا لو يتم تداول هكذا أمور بين الشباب والشابات زيادة للوعي الديني في هذا الجانب المهم. وأرحب بآرائكم وملاحظاتكم على ما كتبت فكما ذكرت سابقا فإن ما كتبته يعبر عن آرائي الشخصية القابلة للنقد. أسأل الله أن يتقبل هذا العمل مني بأحسن قبوله ، وأن يوفق الجميع لمراضيه وأن يجنبنا معاصيه...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأربعاء، يناير 05، 2005

هنيئا لهم

إنهم يتأهبون ويستعدون ، إنهم يعدون العدة لزيارة بيت الله الحرام، الله .... ما أجملها من لحظات ، إنهم يذهبون لشراء ملابس الإحرام، إنهم يعدون قائمة مستلزمات هذه الرحلة، ويراجعون الأحكام الفقهية المتعلقة بالحج استرجعت بها ذكرياتي الجميلة. تذكرت كيف شملني الله برعايته ، فوفقني لزيارة بيته الحرام العام الفائت. كنت آخر من انضم إلى قافلة إحدى الحملات وكانت سعادتي لا توصف لهذا التوفيق الإلهي. تذكرت الميقات الذي أحرمنا فيه واغتسلنا فيه ناوين غسل ذنوبنا. تذكرت الازدحام الشديد الذي صادفناه قبل وصولنا مكة المكرمة والذي زاد من لهفة اللقاء لدينا. تذكرت رؤية الكعبة المشرفة والإطمئنان والسكينة التي حلت في قلوبنا. تذكرت الطواف والسعي مع مختلف الأجناس والألوان والكل يلهج بذكر الله تعالى بطريقته الخاصة مما يضفي عليك شعورا عجيبا. تذكرت الوقوف بعرفة وذلك الضجيج والأنين وحالة البكاء التي كانت تنتاب الحجاج. تذكرت المبيت بالمشعر الحرام ذلك المكان الصحراوي والهواء البارد ينخر في العظام. كم استمتعنا بوقتنا ونحن نجمع الحصى. تذكرت المسير الطويل الذي سرناه من المزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة والتي فرغنا منها وكأننا الأبطال. تذكرت المواقف والتعليقات المضحكة التي كانت تملأ المخيم عند حلق شعورنا. وكم وكم تهفو النفس إلى الروضة المقدسة للنبي (ص). مجرد الذكرى تبعث فينا إحساسا بالطمأنينة فكيف ونحن بجواره (ص) نصلي وندعو في روضته ؟! هنيئا لكم حجاج بيت الله الحرام كل هذه المواقف والمشاعر ولا تنسونا في دعواتكم.

الثلاثاء، يناير 04، 2005

نعمة أنت يا عمان

نعيش ونسمع ونرى ما يهز القلوب ويسلب الراحة والأمان، ويحيل الحياة إلى كابوس مخيف. الزلازل تضرب هنا وهناك، بالأمس تركيا وإيران واليوم أندونيسيا. الفيضانات تغرق الدول الفقيرة الفلبين ، سريلانكا، بنغلاديش. المجاعات والأوبئة مستفحلة في أفريقيا. الإنفجارات و العصابات الجماعية ظاهرة متفشية في المجتمعات الغربية. عدم استقرار الأمن المفروض على العراق وفلسطين. العالم يضج ويئن، ومن بين بستان الأشواك هذا تنبت زهرة الياسمين ، زهرة بلادنا عمان، تنبت لتنشر أريجها في الآفاق ، أريج الأمان والإطمئنان وعبير السكينة وراحة البال. الكل في ربوعها يعيش في هدوء وصفاء ، من دون خوف أو وجل. إنها نعمة عظيمة نسأل الله أن يديمها علينا.