الأحد، يوليو 25، 2010

وادي بني خالد "السحر والجمال"

نبذة عن الوادي :
يبعد وادي بني خالد عن محافظة مسقط بحوالي 203 كيلومترا وهو أشهر أودية المنطقة الشرقية وهو يعد من الأودية العمانية الدائمة الجريان والذي جعل من شهرته بأنه يأتي على قائمة ذكر الأودية العمانية، وتكمن روعة هذا الوادي في وجود البرك المائية الكبيرة التي تتجمع وسط التكوينات الصخرية على مدار العام وهي أبرز مقومات الجذب السياحي لهذا الوادي حيث نجد أن معظم السياح يقضون معظم أوقات فراغهم حول هذه البرك الجميلة نتيجة لروعة الموقع المحيط بها، بالإضافة إلى ذلك يوجد في هذا الوادي كهف مقل الذي يعتبر أحد أكبر الكهوف في السلطنة ويعتبر من المزارات السياحية في هذا الوادي إلا أن زيارة الكهف تتطلب الكثير من العناء نتيجة للصعوبة التي تصادف السائح أثناء الدخول إليه، كما نجد كذلك في الوادي بعض العيون المائية الطبيعية مثل عين حمودة وعين الصاروج وعين دوة إضافة إلى ذلك قرية بضعة الجميلة التي تتميز هي الأخرى كأحد الأماكن السياحية في هذا الوادي. (عمان نت)

الرحلة:
سبعة أشخاص اتفقنا على القيام برحلة استكشاف جديدة إلى وادي بني خالد بتاريخ 23/4/2010 .تحركنا عند الساعة 7.05 صباحا متأخرين نصف ساعة عن الوقت المتفق عليه بسبب تأخير حصل من طرفي :). طبعا لم يكن هذا هو التأخير الوحيد بل أضاف أحد السائقين نكهة أخرى للرحلة، ففي أثناء الطريق وفي ولاية ابراء اذا لم أكن مخطئا تجاوز صاحبنا بكل هدوء ورباطة جأش صف السيارات الذي أمامه ولكن عبر "جزيرة" وكانت آخر سيارة يتجاوزها ليعود بعدها إلى خط سيره الأساسي.. كانت سيارة شرطة :) !!!! ولكم أن تتخيلوا ما حدث. أوقفتنا الشرطة وبدأ عداد الوقت الضائع في العمل .. نزلت مع صاحب السيارة واضطررنا إلى سماع محاضرة توعوية .. هذا خطير، تعرضون أنفسكم وغيركم للخطر، يجب أن تكونوا قدوة ، ..الخ من الكلام الذي كنا في غنى عنه. حاولنا مع الشرطي .. يمين يسار فوق تحت :) ولكن لا فائدة كان مصرا على المخالفة فأصابنا اليأس وبعد أن حرر لنا المخالفة وبقي التوقيع عليها دب النشاط فينا مجددا .. وصاحبنا يقول للشرطي: ما هذا؟ بمخالفتكم في يوم الجمعة أنتم لا تشجعون الناس على السياحة !! لو كنت مكان الشرطي لحررت له مخالفتين :). عموما بعد أخذ ورد سئم منا الشرطي وأعرض عن المخالفة وبهذا نكون قد نجونا من المخالفة وذلك بعد حوالي 20 دقيقة من الأخذ والرد.
تابعنا السير ودخلنا طريق وادي بني خالد حوالي الساعة 9.30 وكان الطريق يأخذنا صعودا عبر الجبل وهناك توقفنا عند أول محطة "عين حمودة" .. نزلنا والشوق يسبقنا لرؤية ما يحويه هذا المكان من جمال وعندما وصلنا إلى سفح الجبل فوجئنا بأن "عين حمودة" أصبحت "خرابة حمودة". كان المكان قاحلا وسيئا جدا وكانت هناك بعض الأغنام التي فوجئت بمنظر هذا العين فسبقتنا بالرحيل عنه. لم نجد شيئا يذكر في هذا المكان فقمنا بأضعف الإيمان وهو التصوير مع لافتة "عين حمودة" الموجودة على الشارع. تابعنا السير والشارع يأخذنا صعودا ثم نزولا عبر جبال هذا الوادي ، إلى أن وصلنا إلى منطقة "عين الصاروج" وهي قرية عالية نوعا ما. وبسبب هذا الارتفاع لم يكن مشهد العين أو الماء واضحا من الأعلى
فدب الشك في نفوس الشباب لتجربتهم السابقة مع "حمودة" ولكني وأخي مصعب طمأناهم لعلمنا المسبق بالمكان. نزلنا إلى الأسفل لتشاهد أعيننا مكانا جميلا وهادئا جدا ، فالماء موجود وهو يغطي مساحة جيدة وينزل إليه أهل القرية للسباحة والاستسقاء. مكثنا بعض الوقت نتزود من جمال المكان ملتقطين بعض الصور التذكارية بعدها توجهنا حيث المقصد الأساسي حيث قرية مقل السياحية وهي قبلة السائحين هناك. كان البرنامج أن نستكشف كهف مقل في أول الأمر ولذلك لم نأخذ أغراضنا من السيارة. بداية كان المشي عبر فلج صغير ولمسافة ليست بالقصيرة بعدها وصلنا إلى مكان فسيح بجانب البرك المائية العميقة التي تشتهر بها ولاية وادي بني خالد وهي سر الجمال والسحر الذي يتمتع به هذا الوادي والذي يجعله مختلفا عن أي واد آخر. تابعنا المسير نحو الكهف تارة صعودا وتارة نزولا نتبع بذلك العلامات الموجودة مسبقا. ابتعدنا عن منطقة البرك وصادفتنا مناظر أخرى جميلة للوادي أجبرتنا على الوقوف والتقاط الصور،. بعد حوالي 25 دقيقة من المشي وصلنا إلى درجات بنيت حديثا توصلك إلى مدخل الكهف. أخرجنا مصابيح الإضاءة التي جلبناها وبدأنا بالدخول. بداية دخلنا محنيي الظهر نزولا إلى داخل الكهف وبعد مسافة 20 أو 30 مترا وصلنا إلى مكان فسيح جدا حيث استطعنا الوقوف وبدأنا نتأمل المكان بإعجاب فأعلى الكهف يزخر بالعديد من الفجوات التي تبدو وكأنها قباب وكلما تقدمنا أكثر كنا نسمع صوت تدفق الماء من دون أن نستطيع تحديد مصدر الصوت. بواسطة المصابيح اكتشفنا وجود طريقين داخل الكهف يمينا ويسارا فاتفقنا على أن نسلك الطريق الأيمن وفجأة تحرك جسم كبير أمامنا بسرعة ودون سابق
انذار وحقيقة خفت قليلا حتى أتبين أن هذا الجسم كان لأحد أطفال هذا الوادي الذي دخل إلى الكهف حتى يقدم لنا المساعدة من تلقاء نفسه. سألناه أين مصباحك ؟ أجاب بعدم احتياجه لذلك :). المهم أصبح هو قائدنا ، وأخذنا الطريق الأيمن وعند نهاية الطريق كانت هناك فتحة متوسطة الحجم نزل عبرها قائدنا إلى عمق جديد ونزلنا كلنا وراءه. بعدها مشينا قليلا والمكان يأخنا نزولا مرة أخرى فكان لابد من الانحناء إلى أن وصلنا إلى نهاية الطريق الذي ينتهي بالماء. كان المكان رطب نوعا ما ويشعرك بالاختناق قليلا ولذا أبينا إلا أن نبلل أنفسنا بالماء. التقطنا بعض الصور وسعدنا لوضوحها ثم عدنا من حيث أتينا وصعدنا عبر نفس الفتحة التي نزلنا منها وفوجئنا ببرودة المكان الذي لم نشعر به في بادئ الأمر.


كان أمرا عجيبا وكأننا نجلس في صالة مكيفة ، فوقفنا قليلا حتى نستمتع بهذا الجو الغريب. ثم عدنا حيث كنا وسلكنا الطريق الآخر الذي كانت نهايته شق ضيق جدا بين أرضية الكهف وبين جداره والذي يمتد على عرض الجدار والذي يستحيل الدخول إليه إلا زحفا على البطن. نشطت روح المغامرة فينا مرة أخرى فكان لابد من التجربة. كان الواحد منا لا يدخل عبر الشق إلا بعد أن يخرج من سبقه بالدخول ، ولقرب الرأس الشديد من جدار الكهف كان لابد من الحذر. كان الزحف يمتد لمسافة تقدر بخمسة أمتار تنتهي بوصولك إلى بحيرة وبعدها تعود أدراجك. صحيح أن المسافة قصيرة ولكنها طويلة في نفس الوقت لطريقة الزحف وصعوبته نوعا ما، ما جعلنا نتصبب عرقا. وقد علق أحد الشباب مازحا: الآن أحس بمعاناة السلحفاة !! :). كما تفاجأنا بأنا لسنا وحدنا في المكان فالعديد من الخفافيش تعيش هنا أيضا والتي كانت تطير بجانبنا.
إلى هنا انتهى برنامج الكهف خرجنا وأعطينا الطفل ما يستحقه على مساعدته لنا. تعليق: لو وقفت قليلا لتفكر وتتأمل كيف دخلت إلى الجبل عبر المدخل ومن ثم إلى أعماقه عبر الفتحة المذكورة ومن ثم الزحف عبر الشق الضيق لأصابتك القشعريرة ولخشع قلبك تجاه خالق هذا الجبل الذي أبدع وأتقن صنعه. عدنا بعدها إلى بداية الوادي حيث مواقف السيارات وبدأنا باستخراج أغراضنا ومن كثرتها وثقلها اضطررنا إلى استئجار عربتين من الأطفال المتواجدين عند المواقف و سعر كل عربة في الاتجاه الواحد ريال واحد. انطلق الأطفال بالعربتين وهم يمشون على جدار الفلج -الذي ذكرته سابقا- بكل سهولة ويسر إلى أن وصلنا إلى المنطقة الفسيحة التي تجاور البرك المائية و اخترنا مكانا مناسبا بين نخلتين لوجود مساحة جيدة من الظل. وضعنا أغراضنا وكان موعد صلاة الظهر قد حان، فصلينا في مصلى صغير تم بناؤه أعلى بعض التكوينات الصخرية الموجودة هناك ، ثم بدأنا بإعداد الغداء. كان غداؤنا عبارة عن مشاكيك لحم وخبز لبناني وبعض العصائر وقد أضاف البعض بطاطس عمان وبعض كميات الجبن إلى سندويتشاتهم. الحمد لله أن كفانا الغداء وتبقت بعض المشاكيك فأعطيناها لأطفال الوادي ، وبعدها أخذنا فترة مناسبة للاستراحة. وعندما خفت الشمس عصرا نهضنا قاصدين البرك المائية للسباحة وحقيقة فقد تغير الجو كثيرا بهبوب بعض النسمات الباردة والتي أثلجت نفوسنا وزادت من متعة السباحة وقد جرب بعضنا القفز من بعض المرتفعات والبعض الآخر ساعد بالتصوير والمشاهدة :) . حقيقة أمضينا وقتا رائعا وجميلا في السباحة والتي أراحت رؤوسنا المثقلة بالأفكار والمشاغل وأعادت إليها حيويتها وصفاءها. إلى هنا انتهى برنامجنا .. غيرنا ملابسنا وبدأنا رحلة العودة إلى العاصمة والتي وصلناها (حيث تجمعنا) حوالي الساعة الـ 9.30.


أترككم مع بعض الصور التي التقطناها