اليوم الثالث: الأربعاء 15/12/2010 (8 محرم- ليلة 9 محرم)
(1)
وأخيرا نحن في كربلاء !!
نعم هكذا كان لسان حالي في صبيحة هذا اليوم. فالليلة الأولى وصلنا كربلاء قبيل منتصف الليل واليوم الثاني كان نصفه في الطريق إلى ومن سامراء ، واليوم هو اليوم الأول الذي تسطع فيه الشمس وأنا في كربلاء. أحاسيس غريبة ومتناقضة أشعر بها تعتريني وأنا أمشي بين جموع الزوار الذين قدموا لتعزية الإمام (ع). فمن جهة سعيد بما أنعمه الله علي من نعمة التواجد في هذه البقعة الطاهرة خصوصا عندما استحضر في نفسي أن ملايين المحبيين قد حرموا منها وأن الله تعالى قد أنعم علي ووفقني لأن أتشرف بالعزاء بجوار سبط رسول الله (ص)، ومن جهة أخرى تكاد عبرتي تخنقني وأنا أحاول أن أذكر نفسي بأن الأرض التي أمشي عليها هي نفسها الأرض التي لم تراعى فيها حرمة لرسول الله (ص) ولا لأهل بيته فقتلوا عطاشى و ماء الفرات يجري إلى جانبهم. حقيقة عندما تنظر إلى بعض الرسومات التي رسمت لتوصيف أرض المعركة وتجدها معلقة على كثير من المحلات وبعد أن عرفت أماكن أغلب هذه المقامات وتبدأ برسمها في مخيلتك ستجد أنك لن تتمالك نفسك بالبكاء الشديد لأنك حينها ستشاهد المعركة بقلبك. فأنت الآن تعلم أين كانت المخيمات ومن أين انطلق شهداء الطف يستأذنون الإمام في القتال، وأنت الآن تعلم من أين انطلق قمر العشيرة ليجلب الماء إلى اخته وعزيزته فخر المخدرات زينب، وستعلم كم كابد من ألم ليحاول الوصول إلى المخيم ولأجل ذلك قطعت كفاه اليمنى واليسرى اللتان عرفت مكانهما، وستعلم أين وقفت عقيلة الطالبيين تنادي أخاها الحسين (ع) , وستشعر كذلك رغم برودة الجو في هذه الأيام ستشعر بهجير وحرارة شمس ذلك اليوم المليء بالمصائب والنوائب التي جعلت فؤاد محمد محزونا. فهنيئا لكل من ذرف دموع الحزن والأسى على مصاب أبي عبدالله الحسين (ع).
(2)
أما الشوارع والأماكن التي تحيط بالحرمين الشريفين فقد كانت تنبض بالحركة والحياة. فشعارات عاشوراء قد ملأت الساحات والجدران والأعمدة وجميعها تلهج بتلبية نداء الإمام (ع) يوم عاشوراء وتعزية ومواساة لمولانا صاحب الزمان (عج) فتلهب فيك حماسة العزاء وحرارة تجديد العهد والولاء. كذلك تجد المآتم التي نصبت على جوانب الطريق تقرأ فيها المجالس والقصائد على مدار اليوم، وتجد آخرين في أماكن مختلفة تعاهدوا على إكرام وفادة الزائرين بتوفير وجبات الغداء والعشاء بشكل يومي فترى بعضهم وقد جلبوا معهم كمية كبيرة من الأحطاب لإعداد الطعام وكذلك الخراف التي جلبوها ليذبحوها ويعدون منها زاد الإمام في الليل ليكونوا جاهزين لتوزيعها على الزوار حبا في الحسين (ع) وينادون في الناس بكل حب "حبيبي ..زاير.. تفضل.. زاد الإمام" فترى الخط الطويل الذي ينتظم رغبة من الزوار في التبرك بهذا الطعام من دون أن يتعدى أي أحد دوره ويتجاوزه. طبعا اصحاب الشاي الأحمر لهم مساحاتهم كذلك يخدمون فيها الزوار بتقديمهم الشاي طوال اليوم وعباراتهم الجميلة "عيني.. زاير.. الله يحفظك ..آغاتي .. بفرما" لا تفارق ألسنتهم فكلهم وجميعهم من أصحاب المآتم ومعدي الطعام وموزعي الشاي وغيرهم ينطلقون من هدف واحد و شعار واحد وهو"خدمة الزوار شرف لنا ووسام على صدورنا"، فهنيئا لهم هذا الشرف ونسأل الله عزوجل أن يكتبنا في سجل خدام زوار وأحباء الحسين (ع).
(3)
في صبيحة هذا اليوم استقبلنا قبيل وقت الظهر الزوار الذين باتوا في البحرين اضطرارا وعلمنا من صاحب الحملة أن باصهم كان الوحيد أو على الأقل كان من الباصات القليلة التي سمح لها بالوصول إلى الفندق فهذا يوم الثامن ولا يسمح فيه بدخول المركبات إلى كربلاء (لا أعلم المسافة من بعد منطقة الوقوف إلى الفندق) فلم يدخل إلا هذا الباص وكان على البقية المشي للوصول إلى فنادقهم. أتى وقت الصلاة وتوجهت إلى الحرم الشريف المزدحم بالناس انتظارا منهم لوقت الصلاة. حقيقة لم أتحصل على مكان للصلاة فوقفت جانبا انتظر انتهاء الجماعة حتى يغادر المصلين، وبعدها صليت الظهرين ثم جلست استمع إلى محاضرة حسينية ألقاها أحد المعممين السادة عند باب الزينبية. بعد صلاة العشاءين استمعنا إلى مجلس حسيني للملا علي مصطفى ولطمية لسلمان الدرازي.وفي الأثناء كذلك وصل آخر فردين من أفراد الحملة بعدما أن جلبتهم دورية شرطة من عند المكان الذي لا يسمح بعده بعبور السيارات. أما موكب هذه الليلة فقد كان أكبر وأفضل خصوصا مع مشاركة أخينا حسين مرتضى الذي أضاف الكثير من الهيبة للموكب بصوته الشجي إضافة إلى ملا علي مصطفى والرادود سلمان الدرازي وكما انتهى موكب ليلة أمس بعزاء الحلقة في حرم المولى أبي عبدالله انتهى هذا الموكب كذلك مع فارق أن القائمين على الحرم أعطونا السماعات الخاصة بالحرم لنستعملها في الحلقة واختتمها إخواننا الأعزاء علي مصطفى وعمار تقي. بعدها تفرق الجميع وشاركت في العزاء العراقي المهيب الذي لا تهدأ أصوات لطم الصدور فيه فالكل في حماسة العزاء عند الإمام (ع) ، ولما انتهى العزاء زرت الإمام (ع) ثم عدت إلى الفندق بانتظار جديد الأحداث في الأيام القادمة.
(1)
وأخيرا نحن في كربلاء !!
نعم هكذا كان لسان حالي في صبيحة هذا اليوم. فالليلة الأولى وصلنا كربلاء قبيل منتصف الليل واليوم الثاني كان نصفه في الطريق إلى ومن سامراء ، واليوم هو اليوم الأول الذي تسطع فيه الشمس وأنا في كربلاء. أحاسيس غريبة ومتناقضة أشعر بها تعتريني وأنا أمشي بين جموع الزوار الذين قدموا لتعزية الإمام (ع). فمن جهة سعيد بما أنعمه الله علي من نعمة التواجد في هذه البقعة الطاهرة خصوصا عندما استحضر في نفسي أن ملايين المحبيين قد حرموا منها وأن الله تعالى قد أنعم علي ووفقني لأن أتشرف بالعزاء بجوار سبط رسول الله (ص)، ومن جهة أخرى تكاد عبرتي تخنقني وأنا أحاول أن أذكر نفسي بأن الأرض التي أمشي عليها هي نفسها الأرض التي لم تراعى فيها حرمة لرسول الله (ص) ولا لأهل بيته فقتلوا عطاشى و ماء الفرات يجري إلى جانبهم. حقيقة عندما تنظر إلى بعض الرسومات التي رسمت لتوصيف أرض المعركة وتجدها معلقة على كثير من المحلات وبعد أن عرفت أماكن أغلب هذه المقامات وتبدأ برسمها في مخيلتك ستجد أنك لن تتمالك نفسك بالبكاء الشديد لأنك حينها ستشاهد المعركة بقلبك. فأنت الآن تعلم أين كانت المخيمات ومن أين انطلق شهداء الطف يستأذنون الإمام في القتال، وأنت الآن تعلم من أين انطلق قمر العشيرة ليجلب الماء إلى اخته وعزيزته فخر المخدرات زينب، وستعلم كم كابد من ألم ليحاول الوصول إلى المخيم ولأجل ذلك قطعت كفاه اليمنى واليسرى اللتان عرفت مكانهما، وستعلم أين وقفت عقيلة الطالبيين تنادي أخاها الحسين (ع) , وستشعر كذلك رغم برودة الجو في هذه الأيام ستشعر بهجير وحرارة شمس ذلك اليوم المليء بالمصائب والنوائب التي جعلت فؤاد محمد محزونا. فهنيئا لكل من ذرف دموع الحزن والأسى على مصاب أبي عبدالله الحسين (ع).
(2)
أما الشوارع والأماكن التي تحيط بالحرمين الشريفين فقد كانت تنبض بالحركة والحياة. فشعارات عاشوراء قد ملأت الساحات والجدران والأعمدة وجميعها تلهج بتلبية نداء الإمام (ع) يوم عاشوراء وتعزية ومواساة لمولانا صاحب الزمان (عج) فتلهب فيك حماسة العزاء وحرارة تجديد العهد والولاء. كذلك تجد المآتم التي نصبت على جوانب الطريق تقرأ فيها المجالس والقصائد على مدار اليوم، وتجد آخرين في أماكن مختلفة تعاهدوا على إكرام وفادة الزائرين بتوفير وجبات الغداء والعشاء بشكل يومي فترى بعضهم وقد جلبوا معهم كمية كبيرة من الأحطاب لإعداد الطعام وكذلك الخراف التي جلبوها ليذبحوها ويعدون منها زاد الإمام في الليل ليكونوا جاهزين لتوزيعها على الزوار حبا في الحسين (ع) وينادون في الناس بكل حب "حبيبي ..زاير.. تفضل.. زاد الإمام" فترى الخط الطويل الذي ينتظم رغبة من الزوار في التبرك بهذا الطعام من دون أن يتعدى أي أحد دوره ويتجاوزه. طبعا اصحاب الشاي الأحمر لهم مساحاتهم كذلك يخدمون فيها الزوار بتقديمهم الشاي طوال اليوم وعباراتهم الجميلة "عيني.. زاير.. الله يحفظك ..آغاتي .. بفرما" لا تفارق ألسنتهم فكلهم وجميعهم من أصحاب المآتم ومعدي الطعام وموزعي الشاي وغيرهم ينطلقون من هدف واحد و شعار واحد وهو"خدمة الزوار شرف لنا ووسام على صدورنا"، فهنيئا لهم هذا الشرف ونسأل الله عزوجل أن يكتبنا في سجل خدام زوار وأحباء الحسين (ع).
(3)
في صبيحة هذا اليوم استقبلنا قبيل وقت الظهر الزوار الذين باتوا في البحرين اضطرارا وعلمنا من صاحب الحملة أن باصهم كان الوحيد أو على الأقل كان من الباصات القليلة التي سمح لها بالوصول إلى الفندق فهذا يوم الثامن ولا يسمح فيه بدخول المركبات إلى كربلاء (لا أعلم المسافة من بعد منطقة الوقوف إلى الفندق) فلم يدخل إلا هذا الباص وكان على البقية المشي للوصول إلى فنادقهم. أتى وقت الصلاة وتوجهت إلى الحرم الشريف المزدحم بالناس انتظارا منهم لوقت الصلاة. حقيقة لم أتحصل على مكان للصلاة فوقفت جانبا انتظر انتهاء الجماعة حتى يغادر المصلين، وبعدها صليت الظهرين ثم جلست استمع إلى محاضرة حسينية ألقاها أحد المعممين السادة عند باب الزينبية. بعد صلاة العشاءين استمعنا إلى مجلس حسيني للملا علي مصطفى ولطمية لسلمان الدرازي.وفي الأثناء كذلك وصل آخر فردين من أفراد الحملة بعدما أن جلبتهم دورية شرطة من عند المكان الذي لا يسمح بعده بعبور السيارات. أما موكب هذه الليلة فقد كان أكبر وأفضل خصوصا مع مشاركة أخينا حسين مرتضى الذي أضاف الكثير من الهيبة للموكب بصوته الشجي إضافة إلى ملا علي مصطفى والرادود سلمان الدرازي وكما انتهى موكب ليلة أمس بعزاء الحلقة في حرم المولى أبي عبدالله انتهى هذا الموكب كذلك مع فارق أن القائمين على الحرم أعطونا السماعات الخاصة بالحرم لنستعملها في الحلقة واختتمها إخواننا الأعزاء علي مصطفى وعمار تقي. بعدها تفرق الجميع وشاركت في العزاء العراقي المهيب الذي لا تهدأ أصوات لطم الصدور فيه فالكل في حماسة العزاء عند الإمام (ع) ، ولما انتهى العزاء زرت الإمام (ع) ثم عدت إلى الفندق بانتظار جديد الأحداث في الأيام القادمة.
هناك تعليق واحد:
كم اتمنى ان تعود بنا اللحظات مجددا
مشاعر متداخلة واحساس عميق بالوحشة
يلاحقني منذ عودتنا .
(ياليتني كل حين عند قبر الحسين )
أخي العزيز
شكرا لحرفك (أتوق الى كل حرف يعيد لي
الذكرى )
يااااه
(عدنا من الجنة الى الدنيا )
متابعون استمر
إرسال تعليق